صفحة جزء
آ. (13) قوله تعالى: وهم يجادلون : يجوز أن تكون الجملة مستأنفة أخبر عنهم بذلك، ويجوز أن تكون حالا. وظاهر كلام الزمخشري أنها حال من مفعول "يصيب"، فإنه قال: وقيل: الواو للحال، [أي: فيصيب بها من يشاء في حال جدالهم]، وجعلها غيره حالا من مفعول "يشاء".

قوله: وهو شديد المحال [هذه الجملة حال من الجلالة] الكريمة، ويضعف استئنافها. وقرأ العامة بكسر الميم، وهو القوة والإهلاك، قال عبد المطلب:


2848 - لا يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك

وقال الأعشى:


2849 - فرع نبع يهتز في غصن المج     د عظيم الندى شديد المحال

والمحال أيضا: أشد المكايدة والمماكرة، يقال: ماحله مماحلة، ومنه: [ ص: 33 ] تمحل فلان لكذا، أي: تكلف له استعمال الحيلة. وقال أبو زيد: "هو النقمة". وقال ابن عرفة: "هو الجدال"، [وفيه على هذا] مقابلة معنوية كأنه قيل: وهم يجادلون في الله وهو شديد الجدال.

[واختلفوا في ميمه]: فالجمهور على أنها أصلية من المحل وهو المكر والكيد، ووزنه فعال كمهاد. وقال القتبي: إنه من الحيلة، وميمه مزيدة، كمكان من الكون، ثم يقال: تمكنت. وقد غلطه الأزهري وقال: لو كان مفعلا من الحيلة لظهرت مثل: مزود ومحول ومحور.

وقرأ الأعرج والضحاك بفتحها، والظاهر أنه لغة في المكسورها، وهو مذهب ابن عباس، فإنه فسره بالحول وفسره غيره بالحيلة. وقال الزمخشري : "وقرأ الأعرج بفتح الميم على أنه مفعل من حال يحول محالا، إذا احتال، ومنه "أحول من ذئب"، أي: أشد حيلة، ويجوز أن يكون المعنى: شديد الفقار، ويكون مثلا في القوة والقدرة، كما جاء: "فساعد الله أشد، وموساه أحد"، لأن الحيوان إذا اشتد محاله كان منعوتا بشدة القوة والاضطلاع بما يعجز عنه غيره، ألا ترى إلى قولهم: "فقرته الفاقرة" وذلك أن الفقار عمود الظهر وقوامه".

التالي السابق


الخدمات العلمية