صفحة جزء
آ. (47) قوله تعالى: مخلف وعده : العامة على إضافة "مخلف" إلى "وعده" وفيها وجهان، أظهرهما: أن "مخلف" يتعدى لاثنين كفعله، فقدم المفعول الثاني، وأضيف إليه اسم الفاعل تخفيفا نحو: "هذا [ ص: 128 ] كاسي جبة زيدا" قال الفراء وقطرب: "لما تعدى إليهما جميعا لم يبال بالتقديم والتأخير". وقال الزمخشري : "فإن قلت: هلا قيل: مخلف رسله وعده، ولم قدم المفعول الثاني على الأول؟ قلت: قدم الوعد ليعلم أنه لا يخلف الوعد، ثم قال: "رسله" ليؤذن أنه إذا لم يخلف وعده أحدا وليس من شأنه إخلاف المواعيد كيف يخلفه رسله".

وقال أبو البقاء: "هو قريب من قولهم:


2912 - يا سارق الليلة أهل الدار

وأنشد بعضهم نظير الآية الكريمة قول الشاعر:


2913 - ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه     وسائره باد إلى الشمس أجمع

والحسبان هنا: الأمر المنتفي، كقوله:


2914 - فلا تحسبن أني أضل منيتي     فكل امرئ كأس الحمام يذوق

[ ص: 129 ] الثاني: أنه متعد لواحد، وهو "وعده"، وأما "رسله" فمنصوب بالمصدر، فإنه ينحل لحرف مصدري وفعل تقديره: مخلف ما وعد رسله، فـ "ما" مصدرية لا بمعنى الذي.

وقرأت جماعة: (مخلف وعد رسله) بنصب "وعده" وجر "رسله" فصلا بالمفعول بين المتضايفين، وهي كقراءة ابن عامر: (قتل أولادهم شركائهم) قال الزمخشري جرأة منه: وهذه في الضعف كمن قرأ: (قتل أولادهم شركائهم).

التالي السابق


الخدمات العلمية