صفحة جزء
آ. (52) وقوله تعالى: هذا إشارة إلى ما تقدم من قوله: فلا تحسبن : إلى هنا، أو إلى كل القرآن نزل منزلة الحاضر.

قوله: "ولينذروا" فيه أوجه، أحدها: أنه متعلق بمحذوف، أي: ولينذروا به أنزلنا عليك.

الثاني: أنه معطوف على محذوف، ذلك المحذوف متعلق بـ "بلاغ"، تقديره: لينصحوا ولينذروا. الثالث: أن الواو مزيدة و "لينذروا" متعلق بـ "بلاغ"، وهو رأي الأخفش، نقله الماوردي. الرابع: أنه محمول على المعنى، أي: ليبلغوا ولينذروا. الخامس: أن اللام لام الأمر. قال بعضهم: وهو حسن لولا قوله: "وليذكر" فإنه منصوب فقط. قلت: لا محذور في ذلك فإن قوله: "وليذكر" ليس معطوفا على ما تقدمه، بل متعلق بفعل مقدر، أي: وليذكر أنزلناه وأوحيناه. السادس: أنه خبر مبتدأ مضمر. التقدير: هذا بلاغ وهو ليذكر، قاله ابن عطية. السابع: أنه عطف مفرد على مفرد، أي: هذا بلاغ وإنذار، قاله المبرد، وهو تفسير معنى لا إعراب.

الثامن: أنه معطوف على قوله: لتخرج الناس في أول السورة. وهذا [ ص: 135 ] غريب جدا. التاسع: - قاله أبو البقاء - المعنى: "هذا بلاغ للناس وللإنذار، فتعلق بالبلاغ أو بمحذوف إذا جعلت "الناس" صفة، ويجوز أن يتعلق بمحذوف تقديره: ولينذروا به أنزل وتلي". قلت: فيؤدي التقدير إلى أن يبقى التركيب: هذا بلاغ للإنذار، والإنذار لا يتأتى فيه ذلك.

وقرأ العامة: "لينذروا" مبنيا للمفعول، وقرأ مجاهد وحميد بن قيس: "ولتنذروا" بتاء مضمومة وكسر الذال، كأن البلاغ للعموم والإنذار للمخاطبين.

وقرأ يحيى بن عمارة الذارع عن أبيه، وأحمد بن يزيد بن أسيد السلمي "ولينذروا" بفتح الياء والذال من نذر بالشيء، أي: علم به فاستعد له، قالوا: ولم يعرف له مصدر فهو كعسى وغيرها من الأفعال التي لا مصادر لها.

[تمت بحمد الله] *** [ ص: 136 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية