صفحة جزء
آ. (37) وقرأ العامة: إن تحرص : بكسر الراء مضارع "حرص" بفتحها، وهي اللغة العالية لغة الحجاز. والحسن وأبو حيوة: "تحرص" بفتح الراء مضارع "حرص" بكسرها، وهي لغة لبعضهم، وكذلك النخعي، إلا أنه زاد واوا قبل "إن" فقرأ "وإن تحرص".

قوله: لا يهدي قرأ الكوفيون "يهدي" بفتح الياء وكسر الدال، [ ص: 218 ] وهذه القراءة تحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون الفاعل ضميرا عائدا على الله، أي: لا يهدي الله من يضله، ف "من" مفعول "يهدي" ويؤيده قراءة أبي: "فإن الله لا هادي لمن يضل، ولمن أضل"، وأنه في معنى قوله: من يضلل الله فلا هادي له .

والثاني: أن يكون الموصول هو الفاعل، أي: لا يهدي المضلون، و "يهدي" يجيء في معنى يهتدي. يقال: هداه فهدى، أي: اهتدى. ويؤيد هذا الوجه قراءة عبد الله "يهدي" بتشديد الدال المكسورة، فأدغم. ونقل بعضهم في هذه القراءة كسر الهاء على الإتباع، وتحقيقه تقدم في يونس. والعائد على "من" محذوف: من يضل ، أي: الذي يضله الله.

والباقون: بضم الياء وفتح الدال مبنيا للمفعول، و "من" قائم مقام فاعله، وعائده محذوف أيضا.

وجوز أبو البقاء في "من" أن يكون مبتدأ و "لا يهدي" خبره، يعني: مقدم عليه. وهذا خطأ; لأنه متى كان الخبر فعلا رافعا لضمير مستتر وجب تأخره نحو: "زيد لا يضرب"، ولو قدمت لالتبس بالفاعل.

وقرئ بضم الياء وكسر الدال. قال ابن عطية: "وهي [ ص: 219 ] ضعيفة". قال الشيخ: "وإذا ثبت أن "هدى" لازم بمعنى اهتدى لم تكن ضعيفة; لأنه أدخل همزة التعدية على اللازم، فالمعنى: لا يجعل مهتديا من أضله الله".

وقوله: "وما لهم" حمل على معنى "من"، فلذلك جمع.

وقرئ: "من يضل" بفتح الياء من "ضل"، أي: لا يهدي من ضل بنفسه.

التالي السابق


الخدمات العلمية