صفحة جزء
آ. (53) قوله تعالى: وما بكم : يجوز في "ما" وجهان، أحدهما: أن تكون موصولة، والجار صلتها، وهي مبتدأ، والخبر قوله: فمن الله والفاء زائدة في الخبر لتضمن الموصول معنى الشرط، تقديره: والذي استقر بكم. و من نعمة بيان للموصول. وقدر بعضهم متعلق "بكم" خاصا فقال: "وما حل بكم أو نزل بكم" وليس بجيد; إذ لا يقدر إلا كون مطلق.

والثاني: أنها شرطية، وفعل الشرط بعدها محذوف وإليه نحا الفراء، وتبعه الحوفي وأبو البقاء. قال الفراء: "التقدير: وما يكن بكم". وقد رد هذا بأنه لا يحذف فعل إلا بعد "إن" خاصة، في موضعين، أحدهما: أن يكون في باب الاشتغال نحو: وإن أحد من المشركين استجارك لأن المحذوف في حكم المذكور. والثاني: أن تكون "إن" متلوة ب "لا" [ ص: 239 ] النافية، وأن يدل على الشرط ما تقدمه من الكلام كقوله:


2982 - فطلقها فلست لها بكفء وإلا يعل مفرقك الحسام

أي: وإن لا تطلقها، فحذف لدلالة قوله "فطلقها" عليه، فإن لم توجد "لا" النافية، أو كانت الأداة غير "إن" لم يحذف إلا ضرورة، مثال الأول:


2983 - قالت بنات العم يا سلمى وإن     كان غنيا معدما قالت: وإن

أي: وإن كان غنيا رضيته. ومثال الثاني:


2984 - صعدة نابتة في حائر     أينما الريح تميلها تمل

وقول الآخر:


2985 - فمتى واغل ينبهم يحيو     ه وتعطف عليه كأس الساقي

قوله: فإليه تجأرون الفاء جواب "إذا". والجؤار رفع الصوت، قال رؤبة يصف راهبا: [ ص: 240 ]

2986 - يراوح من صلوات الملي     ك طورا سجودا وطورا جؤارا

ومنهم من قيده بالاستغاثة، وأنشد الزمخشري :


2987 - جآر ساعات النيام لربه      ... ... ... ...



وقيل: الجؤار كالخوار، جأر الثور وخار واحد، إلا أن هذا مهموز العين وذلك معتلها. وقال الراغب: "جأر إذا أفرط في الدعاء والتضرع، تشبيها بجؤار الوحشيات".

وقرأ الزهري: "تجرون" بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على الساكن قبلها، كما قرأ نافع: "ردا" في "ردءا".

التالي السابق


الخدمات العلمية