صفحة جزء
آ. (110) قوله تعالى: ثم إن ربك للذين هاجروا : في خبر "إن" هذه ثلاثة أوجه، إنه قوله: لغفور رحيم ، و إن ربك الثانية واسمها تأكيد للأولى واسمها، فكأنه قيل: ثم إن ربك إن ربك لغفور [ ص: 292 ] رحيم، وحينئذ يجوز في قوله "للذين" وجهان: أن يتعلق بالخبرين على سبيل التنازع، أو بمحذوف على سبيل البيان كأنه قيل: الغفران والرحمة للذين هاجروا. الثاني: أن الخبر هو نفس الجار بعدها كما تقول: إن زيدا لك، أي: هو لك لا عليك بمعنى هو ناصرهم لا خاذلهم، قال معناه الزمخشري [ثم قال: "كما يكون الملك للرجل لا عليه، فيكون محميا منفوعا].

الثالث: أن خبر الأولى مستغنى عنه بخبر الثانية، يعني أنه محذوف لفظا لدلالة ما بعده عليه، وهذا معنى قول أبي البقاء: "وقيل: لا خبر ل "إن" الأولى في اللفظ; لأن خبر الثانية أغنى عنه"، وحينئذ لا يحسن رد الشيخ عليه بقوله: "وهذا ليس بجيد أنه ألغى حكم الأولى، وجعل الحكم للثانية، وهو عكس ما تقدم ولا يجوز".

قوله: من بعد ما فتنوا قرأ ابن عامر: "فتنوا" مبنيا للفاعل، أي: فتنوا أنفسهم، فإن عاد الضمير على المؤمنين فالمعنى: فتنوا أنفسهم بما أعطوا المشركين من القول ظاهرا، أو أنهم لما صبروا على عذاب المشركين فكأنهم فتنوا أنفسهم، وإن عاد على المشركين فهو واضح، أي: فتنوا المؤمنين.

والباقون "فتنوا" مبنيا للمفعول. والضمير في "بعدها" للمصادر المفهومة من الأفعال المتقدمة، أي: من بعد الفتنة والهجرة والجهاد والصبر. وقال [ ص: 293 ] ابن عطية: "عائد على الفتنة أو الفعلة أو الهجرة أو التوبة".

التالي السابق


الخدمات العلمية