صفحة جزء
آ. (31) قوله تعالى: خطئا : قرأ ابن ذكوان: "خطأ" بفتح الخاء والطاء من غير مد، وابن كثير بكسر الخاء والمد، ويلزم منه فتح الطاء، والباقون بالكسر وسكون الطاء.

فأما قراءة ابن ذكوان فخرجها الزجاج على وجهين: أحدهما: أن يكون اسم مصدر من أخطأ يخطئ خطأ، أي: إخطاء، إذا لم يصب. والثاني: أن يكون مصدر خطئ يخطأ خطأ، إذا لم يصب أيضا، وأنشد:


3055 - والناس يلحون الأمير إذا هم خطئوا الصواب ولا يلام المرشد

والمعنى على هذين الوجهين: أن قتلهم كان غير صواب. واستبعد قوم هذه القراءة، قالوا: لأن الخطأ ما لم يتعمد فلا يصح معناه ههنا.

قلت: وخفي عنهم أن يكون بمعنى أخطأ، أو أنه يقال: "خطئ" إذا لم يصب.

وأما قراءة ابن كثير فهي مصدر خاطأ يخاطئ خطاء مثل: قاتل يقاتل قتالا. قال أبو علي: "هي مصدر خاطأ يخاطئ، وإن كنا لم نجد "خاطأ" [ ص: 347 ] ولكن وجدنا تخاطأ وهو مطاوع "خاطأ" فدلنا عليه، ومنه قول الشاعر:


3056 - تخاطأت النبل أحشاءه     وأخر يومي فلم يعجل

وقال الآخر:


3057 - تخاطأه القناص حتى وجدته     وخرطومه في منقع الماء راسب

فكأن هؤلاء الذين يقتلون أولادهم يخاطئون الحق والعدل.

وقد طعن قوم على هذه القراءة حتى قال أبو جعفر: "لا أعرف لهذه القراءة وجها"، ولذلك جعلها أبو حاتم غلطا. قلت: قد عرفه غيرهما ولله الحمد.

وأما قراءة الباقين فهي جيدة واضحة لأنها من قولهم: خطئ يخطأ خطئا، كأثم يأثم إثما، إذا تعمد الكذب.

وقرأ الحسن: "خطاء" بفتح الخاء والمد وهو اسم مصدر "أخطأ" كالعطاء اسم للإعطاء.

وقرأ أيضا: "خطا" بالقصر، وأصله: "خطأ" كقراءة ابن ذكوان، إلا أنه سهل الهمزة بإبدالها ألفا فحذفت كعصا.

وأبو رجاء والزهري كذلك، إلا أنهما كسرا الخاء ك "زنى" وكلاهما من خطئ في الدين، وأخطأ في الرأي، وقد يقام كل منهما مقام الآخر.

[ ص: 348 ] وقرأ ابن عامر في رواية: "خطئا" بالفتح والسكون والهمز، مصدر "خطئ" بالكسر.

وقرأ ابن وثاب والأعمش: "تقتلوا"، و "خشية" بكسر الخاء.

التالي السابق


الخدمات العلمية