صفحة جزء
آ. (46) قوله تعالى: وحده : فيه وجهان، أحدهما: أنه منصوب على الحال، وإن كان معرفة لفظا، لأنه في قوة النكرة; إذ هو في معنى "منفردا"، وهل هو مصدر أو اسم موضوع موضع المصدر الموضوع موضع الحال، ف "وحده" وضع موضع "إيحاد" و "إيحاد" وضع موضع "موحد" وهو مذهب سيبويه، أو هو مصدر على حذف الزوائد، إذ يقال: أوحده يوحده إيحادا، أو هو مصدر بنفسه ل "وحد" ثلاثيا. قال الزمخشري : وحد يحد وحدا وحدة نحو: وعد يعد وعدا وعدة، و "وحده" من باب: "رجع عوده على بدئه"، و "افعله جهدك وطاقتك" في أنه مصدر ساد مسد الحال، أصله يحد وحده، بمعنى واحدا. قلت: وقد عرفت أن هذا ليس مذهب سيبويه.

والثاني: أنه منصوب على الظرف، وهو قول يونس. واعلم أن هذه الحال بخصوصها - أعني لفظة "وحده" - إذا وقعت بعد فاعل ومفعول نحو: "ضرب زيد عمرا وحده" فمذهب سيبويه: أنه حال من الفاعل، أي: [ ص: 364 ] موحدا له بالضرب. ومذهب المبرد: أنه يجوز أن يكون حالا من المفعول. قال الشيخ: "فعلى مذهب سيبويه يكون التقدير: وإذا ذكرت ربك موحدا لله، وعلى مذهب المبرد يجوز أن يكون التقدير: موحدا بالذكر".

قوله: "نفورا" فيه وجهان: أحدهما: أنه مصدر على غير الصدر; لأن التولي والنفور بمعنى. والثاني: أنه حال من فاعل "ولوا" وهو حينئذ جمع نافر، كقاعد وقعود وجالس وجلوس. والضمير في "ولوا" الظاهر عوده على الكفار. وقيل: يعود على الشياطين، وإن لم يجر لهم ذكر.

التالي السابق


الخدمات العلمية