صفحة جزء
آ. (38) قوله تعالى: أسمع بهم وأبصر : هذا لفظه أمر ومعناه التعجب، وأصح الأعاريب فيه كما تقرر في علم النحو: أن فاعله هو المجرور بالباء، والباء زائدة، وزيادتها لازمة إصلاحا للفظ، لأن أفعل أمرا لا يكون فاعله إلا ضميرا مستترا، ولا يجوز حذف هذه الباء إلا مع أن وأن كقوله:


3239 - تردد فيها ضوءها وشعاعها فأحصن وأزين لامرئ أن تسربلا

أي: بأن تسربل، فالمجرور مرفوع المحل، ولا ضمير في أفعل. ولنا قول ثان: أن الفاعل مضمر، والمراد به المتكلم كأن المتكلم يأمر نفسه بذلك والمجرور بعده في محل نصب، ويعزى هذا للزجاج.

[ ص: 603 ] ولنا قول ثالث: أن الفاعل ضمير المصدر، والمجرور منصوب المحل أيضا، والتقدير: أحسن يا حسن بزيد. ولشبه هذا الفاعل عند الجمهور بالفضلة لفظا جاز حذفه للدلالة عليه كهذه الآية فإن تقديره: وأبصر بهم. وفيه أبحاث موضوعها كتب النحو.

وقوله: يوم يأتوننا معمول ل "أبصر". ولا يجوز أن يكون معمولا ل "أسمع" لأنه لا يفصل بين فعل التعجب ومعموله، ولذلك كان الصحيح أنه لا يجوز أن تكون المسألة من التنازع. وقد جوزه بعضهم ملتزما إعمال الثاني، وهو خلاف قاعدة الإعمال. وقيل: بل هو أمر حقيقة، والمأمور به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعنى: أسمع الناس وأبصرهم بهم وبحديثهم: ماذا يصنع بهم من العذاب؟ وهو منقول عن أبي العالية.

وقوله: "اليوم" منصوب بما تضمنه الجار من قوله: "في ضلال مبين"، أي: لكن الظالمون استقروا في ضلال مبين اليوم. ولا يجوز أن يكون هذا الظرف هو الخبر، والجار لغو; لئلا يخبر عن الجثة بالزمان بخلاف قولك: القتال اليوم في دار زيد، فإنه يجوز الاعتباران.

التالي السابق


الخدمات العلمية