صفحة جزء
آ. (46) قوله تعالى: أراغب أنت : يجوز فيه وجهان، أحدهما: أن يكون "راغب" مبتدأ لاعتماده على همزة الاستفهام، و "أنت" فاعل سد مسد الخبر. والثاني: أنه خبر مقدم، و "أنت" مبتدأ مؤخر ورجح الأول بوجهين، [ ص: 606 ] أحدهما: أنه ليس فيه تقديم ولا تأخير; إذ رتبة الفاعل التأخير عن رافعه. والثاني: أنه لا يلزم فيه الفصل بين العامل ومعموله بما ليس معمولا للعامل; وذلك لأن عن آلهتي متعلق ب "راغب"، فإذا جعل "أنت" فاعلا فقد فصل بما هو كالجزء من العامل، بخلاف جعله خبرا فإنه أجنبي إذ ليس معمولا ل "راغب".

قوله: "مليا" في نصبه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه منصوب على الظرف الزماني، أي: زمنا طويلا، ومنه "الملوان" لليل والنهار، وملاوة الدهر بتثليث الميم قال:


3240 - فعسنا بها من الشباب ملاوة فالحج آيات الرسول المحبب

وأنشد السدي على ذلك لمهلهل:


3241 - فتصدعت صم الجبال لموته     وبكت عليه المرملات مليا

والثاني: أنه منصوب على الحال معناه: سالما سويا. كذا فسره ابن عباس: فهو حال من فاعل "اهجرني"، وكذلك فسره ابن عطية قال: "معناه: مستبدا، أي: غنيا من قولهم هو ملي بكذا وكذا". قال الزمخشري : "أي: مطيقا" والثالث: أنه نعت لمصدر محذوف، أي: هجرا مليا يعني: واسعا متطاولا كتطاول الزمان الممتد.

التالي السابق


الخدمات العلمية