صفحة جزء
[ ص: 648 ] آ. (91) قوله: أن دعوا : في محله خمسة أوجه، أحدها: أنه في محل نصب على المفعول من أجله. قاله أبو البقاء والحوفي، ولم يبينا: ما العامل فيه؟ ويجوز أن يكون العامل "تكاد" أو "تخر" أو "هدا" أي: تهد لأن دعوا، ولكن شرط النصب فيها مفقود وهو اتحاد الفاعل في المفعول له والعامل فيه، فإن عنيا أنه على إسقاط اللام - وسقوط اللام يطرد مع أن - فقريب. وقال الزمخشري : "وأن يكون منصوبا بتقدير سقوط اللام وإفضاء الفعل، أي: هدا لأن دعوا، علل الخرور بالهد، والهد بدعاء الولد للرحمن". فهذا تصريح منه بأنه على إسقاط الخافض، وليس مفعولا له صريحا.

الوجه الثاني: أن يكون مجرورا بعد إسقاط الخافض، كما هو مذهب الخليل والكسائي.

والثالث: أنه بدل من الضمير في "منه" كقوله:


3261 - على حالة لو أن في القوم حاتما على جوده لضن بالماء حاتم

بجر "حاتم" الأخير بدلا من الهاء في "جوده". قال الشيخ: "وهو بعيد لكثرة الفصل بين البدل والمبدل منه بجملتين".

[ ص: 649 ] الوجه الرابع: أن يكون مرفوعا ب "هدا". قال الزمخشري : "أي: هدها دعاء الولد للرحمن". قال الشيخ: "وفيه بعد لأن الظاهر في "هدا" أن يكون مصدرا توكيديا، والمصدر التوكيدي لا يعمل، ولو فرضناه غير توكيدي لم يعمل بقياس إلا إن كان أمرا أو مستفهما عنه نحو: "ضربا زيدا" و "أضربا زيدا" على خلاف فيه. وأما إن كان خبرا، كما قدره الزمخشري "أي: هدها دعاء الولد للرحمن" فلا ينقاس، بل ما جاء من ذلك هو نادر كقول امرئ القيس:


3262 - وقوفا بها صحبي علي مطيهم     يقولون: لا تهلك أسى وتجمل

أي: وقف صحبي.

الخامس: أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: الموجب لذلك دعاؤهم، كذا قدره أبو البقاء.

و "دعا" يجوز أن يكون بمعنى سمى فيتعدى لاثنين، ويجوز جر ثانيهما بالباء. قال الشاعر:


3263 - دعتني أخاها أم عمرو ولم أكن     أخاها ولم أرضع لها بلبان


دعتني أخاها بعد ما كان بيننا     من الفعل ما لا يفعل الأخوان

[ ص: 650 ] وقول الآخر:


3264 - ألا رب من يدعى نصيحا وإن يغب     تجده بغيب منك غير نصيح

وأولهما في الآية محذوف. قال الزمخشري : طلبا للعموم والإحاطة بكل ما يدعى له ولدا. ويجوز أن يكون من "دعا" بمعنى نسب الذي مطاوعه ما في قوله عليه السلام "من ادعى إلى غير مواليه"، وقول الشاعر:


3265 - إنا بني نهشل لا ندعي لأب     عنه ولا هو بالأبناء يشرينا

أي: لا ننتسب إليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية