صفحة جزء
آ. (59) قوله : موعدكم يوم الزينة : العامة على رفع "يوم الزينة" خبرا لـ "موعدكم". فإن جعلت "موعدكم" زمانا لم تحتج إلى [ ص: 59 ] حذف مضاف; إذ التقدير: زمان الوعد يوم الزينة، وإن جعلته مصدرا احتجت إلى حذف مضاف تقديره: وعدكم وعد يوم الزينة.

وقرأ الحسن والأعمش وعيسى وعاصم في بعض طرقه وأبو حيوة وابن أبي عبلة وقتادة والجحدري وهبيرة "يوم" بالنصب. وفيه أوجه، أحدها: أن يكون خبرا لـ "موعدكم" على أن المراد بالموعد المصدر أي: وعدكم كائن في يوم الزينة كقولك: القتال يوم كذا والسفر غدا.

الثاني: أن يكون "موعدكم" مبتدأ، والمراد به الزمان، و "ضحى" خبره على نية التعريف فيه; لأنه ضحى ذلك اليوم بعينه، قاله الزمخشري، ولم يبين ما الناصب لـ "يوم الزينة"؟ ولا يجوز أن يكون منصوبا، بـ "موعدكم" على هذا التقدير; لأن مفعلا مرادا به الزمان أو المكان لا يعمل وإن كان مشتقا، فيكون الناصب له فعلا مقدرا. وواخذه الشيخ في قوله "على نية التعريف" قال: "لأنه وإن كان ضحى ذلك اليوم بعينه فليس على نية التعريف، بل هو نكرة، وإن كان من يوم بعينه; لأنه ليس معدولا عن الألف واللام كسحر ولا هو معرف بالإضافة ولو قلت: "جئت يوم الجمعة بكرا" لم ندع أن بكرا معرفة وإن كنت تعلم أنه من يوم بعينه".

الثالث: أن يكون "موعدكم" مبتدأ، والمراد به المصدر و "يوم الزينة" ظرف له. "وضحى" منصوب على الظرف خبرا للموعد، كما أخبر عنه في الوجه الأول بيوم الزينة نحو: "القتال يوم كذا".

[ ص: 60 ] قوله: "وأن يحشر" في محله وجهان، أحدهما: الجر نسقا على الزينة أي: موعدكم يوم الزينة ويوم أن يحشر. أي: ويوم حشر الناس. والثاني: الرفع نسقا على "يوم" التقدير: موعدكم يوم كذا، وموعدكم أن يحشر الناس أي: حشرهم.

وقرأ ابن مسعود والجحدري وأبو نهيك وعمرو بن فائد "وأن تحشر الناس" بتاء الخطاب في "تحشر"، وروي عنهم "يحشر" بياء الغيبة. و "الناس" نصب في كلتا القراءتين على المفعولية. والضمير في القراءتين لفرعون أي: وأن تحشر أنت يا فرعون، أو وأن يحشر فرعون. وجوز بعضهم أن يكون الفاعل ضمير اليوم في قراءة الغيبة; وذلك مجاز لما كان الحشر واقعا فيه نسب إليه نحو: نهاره صائم وليله قائم.

و "ضحى" نصب على الظرف، العامل فيه "يحشر" وتذكر وتؤنث. والضحاء بالمد وفتح الضاد فوق الضحى; لأن الضحى ارتفاع النهار، والضحاء بعد ذلك، وهو مذكر لا غير.

التالي السابق


الخدمات العلمية