صفحة جزء
آ. (97) قوله : فإذا هي شاخصة أبصار : فيه أوجه أحدها: - وهو الأجود- أن تكون "هي" ضمير القصة، و "شاخصة" خبر مقدم، و "أبصار" مبتدأ مؤخر، والجملة خبر لـ "هي" لأنها لا تفسر إلا بجملة مصرح بجزأيها، وهذا مذهب البصريين. الثاني: أن تكون "شاخصة" مبتدأ، و "أبصار" فاعل سد مسد الخبر، وهذا يتمشى على رأي الكوفيين; لأن [ ص: 205 ] ضمير القصة يفسر عندهم بالمفرد العامل عمل الفعل فإنه في قوة الجملة. الثالث: قال الزمخشري: "هي" ضمير مبهم توضحه الأبصار وتفسره، كما فسر "الذين ظلموا" "وأسروا". ولم يذكر غيره. قلت: وهذا هو قول الفراء; فإنه قال: "هي" ضمير الأبصار تقدمت لدلالة الكلام ومجيء ما يفسرها". وأنشد شاهدا على ذلك:


3362 - فلا وأبيها لا تقول حليلتي ألا فر عني مالك بن أبي كعب



الرابع: أن تكون "هي" عمادا، وهو قول الفراء أيضا، قال: "لأنه يصلح موضعها "هو" وأنشد:


3363 - بثوب ودينار وشاة ودرهم     فهل هو مرفوع بما ههنا راس



وهذا لا يتمشى إلا على أحد قولي الكسائي: وهو أنه يجيز تقدم الفصل مع الخبر المقدم نحو: "هو خير منك زيد" الأصل: زيد هو خير منك، [ ص: 206 ] وقال الشيخ: "أجاز هو القائم زيد، على أن "زيدا" هو المبتدأ و "القائم" خبره و "هو" عماد. وأصل المسألة: زيد هو القائم". قلت: وفي هذا التمثيل [نظر]; لأن تقديم الخبر هنا ممتنع لاستوائهما في التعريف، بخلاف المثال الذي قدمته، فيكون أصل الآية الكريمة: فإذا أبصار الذين كفروا هي شاخصة، فلما قدم الخبر وهو "شاخصة" قدم معها العماد. وهذا أيضا إنما يجيء على مذهب من يرى وقوع العماد قبل النكرة غير المقاربة للمعرفة.

الخامس: أن تكون "هي" مبتدأ، وخبره مضمر، ويتم الكلام حينئذ على "هي"، ويبتدأ بقوله "شاخصة أبصار". والتقدير: فإذا هي بارزة أي: الساعة بارزة أو حاضرة، و "شاخصة" خبر مقدم و "أبصار" مبتدأ مؤخر. ذكره الثعلبي. وهو بعيد جدا لتنافر التركيب، وهو التعقيد عند علماء البيان.

قوله: "يا ويلنا" معمول لقول محذوف، وفي هذا القول المحذوف وجهان، أحدهما: أنه جواب "حتى إذا" كما تقدم. والثاني: في محل نصب على الحال من "الذين كفروا"، قاله الزمخشري.

التالي السابق


الخدمات العلمية