صفحة جزء
آ. (17) قوله : إن الذين آمنوا : الآية فيها ثلاثة أوجه، أحدها: أن "إن" الثانية واسمها وخبرها في محل رفع خبرا لـ "إن" الأولى. قال الزمخشري: "وأدخلت "إن" على كل واحد من جزأي الجملة لزيادة التأكيد. ونحوه قول جرير:

[ ص: 244 ]

3375 - إن الخليفة إن الله سربله سربال ملك به ترجى الخواتيم



قال الشيخ: "وظاهر هذا أنه شبه البيت بالآية، وكذلك قرنه الزجاج بالآية، ولا يتعين أن يكون البيت كالآية; لأن البيت يحتمل أن يكون "الخليفة" خبره "به ترجى الخواتيم"، ويكون "إن الله سربله" جملة اعتراض بين اسم "إن" وخبرها، بخلاف الآية، فإنه يتعين قوله: "إن الله يفصل". وحسن دخول "إن" على الجملة الواقعة خبرا طول الفصل بينهما بالمعاطيف".

قلت: قوله: "فإنه يتعين قوله إن الله يفصل" يعني أن يكون خبرا. ليس كذلك لأن الآية محتملة لوجهين آخرين ذكرهما الناس. الأول: أن يكون الخبر محذوفا تقديره: يفترقون يوم القيامة ونحوه، والمذكور تفسير له. كذا ذكره أبو البقاء. والثاني: أن "إن" الثانية تكرير للأولى على سبيل التوكيد. وهذا ماش على القاعدة: وهو أن الحرف إذا كرر توكيدا أعيد معه ما اتصل به أو ضمير ما اتصل به، وهذا قد أعيد معه ما اتصل به أولا: وهي الجلالة المعظمة، فلم يتعين أن يكون قوله: "إن الله يفصل" خبرا لـ "إن" الأولى كما ذكر.

وقد تقدم تفسير ألفاظ هذه الآية، إلا المجوس. وهم قوم اختلف أهل العلم فيهم فقيل: قوم يعبدون النار. وقيل: الشمس والقمر. وقيل: اعتزلوا النصارى ولبسوا المسوح. وقيل: أخذوا من دين النصارى شيئا، ومن دين [ ص: 245 ] اليهود شيئا، وهم القائلون بأن للعالم أصلين: نور وظلمة. وقيل: هم قوم يستعملون النجاسات، والأصل: نجوس بالنون فأبدلت ميما.

التالي السابق


الخدمات العلمية