صفحة جزء
آ. (19) قوله : هذان خصمان : الخصم في الأصل: مصدر; ولذلك يوحد ويذكر غالبا، وعليه قوله تعالى: "نبأ الخصم إذ تسوروا". ويجوز أن يثنى ويجمع ويؤنث، وعليه هذه الآية. ولما كان كل خصم فريقا يجمع طائفة قال: "اختصموا" بصيغة الجمع كقوله: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا" فالجمع مراعاة للمعنى.

وقرأ ابن أبي عبلة "اختصما" مراعاة للفظه وهي مخالفة للسواد. وقال [ ص: 248 ] أبو البقاء: "وأكثر الاستعمال توحيده فمن ثناه وجمعه حمله الصفات والأسماء، و "اختصموا" إنما جمع حملا على المعنى لأن كل خصم [فريق] تحته أشخاص". وقال الزمخشري: "الخصم صفة وصف بها الفوج أو الفريق فكأنه قيل: هذان فوجان أو فريقان مختصمان. وقوله: "هذان" للفظ، و "اختصموا" للمعنى كقوله: "ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا" ولو قيل: هؤلاء خصمان أو اختصما جاز أن يراد: المؤمنون والكافرون". قلت: إن عنى بقوله: "إن "خصما" صفة" بطريق الاستعمال المجازي فمسلم; لأن المصدر يكثر الوصف به، وإن أراد أنه صفة حقيقة فخطؤه ظاهر لتصريحهم بأن نحو "رجل خصم" مثل "رجل عدل" وقوله: "هذان للفظ" أي: إنما أشير إليهم إشارة المثنى وإن كان في الحقيقة المراد الجمع، باعتبار لفظ الفوجين والفريقين ونحوهما. وقوله كقولهم: " ومنهم من يستمع " إلى آخره فيه نظر; لأن في تيك الآية تقدم شيء له لفظ ومعنى، وهو "من"، وهنا لم يتقدم شيء له لفظ ومعنى. وقوله تعالى: "في ربهم" أي: في دين ربهم، فلا بد من حذف مضاف.

وقرأ الكسائي - في رواية عنه- "خصمان" بكسر الخاء. وقوله: "فالذين كفروا" هذه الجملة تفصيل وبيان لفصل الخصومة المعني بقوله تعالى: "إن الله يفصل بينهم" قاله الزمخشري. وعلى هذا فيكون "هذان [ ص: 249 ] خصمان" معترضا. والجملة من "اختصموا" حالية، وليست مؤكدة; لأنها أخص من مطلق الخصومة المفهومة من "خصمان".

وقرأ الزعفراني في اختياره "قطعت" مخفف الطاء. والقراءة المشهورة تفيد التكثير، وهذه تحتمله.

قوله: "يصب" هذه الجملة تحتمل أن تكون خبرا ثانيا للموصول، وأن تكون حالا من الضمير في "لهم"، وأن تكون مستأنفة.

التالي السابق


الخدمات العلمية