صفحة جزء
آ. (14) قوله : ثم خلقنا النطفة علقة : وما بعدها. ضمن "خلق" معنى جعل التصييرية فتعدت لاثنين كما تضمن جعل معنى خلق فيتعدى لواحد نحو: "وجعل الظلمات والنور".

قوله: "عظاما" قرأ العامة "عظاما" و "العظام" بالجمع فيهما. وابن عامر وأبو بكر عن عاصم "عظما" و "العظم" بالإفراد فيهما. والسلمي والأعرج والأعمش بإفراد الأول وجمع الثاني. وأبو رجاء ومجاهد وإبراهيم ابن [ ص: 323 ] أبي بكر بجمع الأول وإفراد الثاني عكس ما قبله. فالجمع على الأصل لأنه مطابق لما يراد به، والإفراد للجنس كقوله: "وهن العظم مني". وقال الزمخشري: "وضع الواحد موضع الجمع لزوال اللبس لأن الإنسان ذو عظام كثيرة". قال الشيخ: "هذا عند سيبويه وأصحابه لا يجوز إلا في ضرورة وأنشدوا:


3405 - كلوا في بعض بطنكم تعفوا . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



وإن كان معلوما أن كل واحد له بطن". قلت: ومثله:


3406 - لا تنكروا القتل وقد سبينا     في حلقكم عظم وقد شجينا



يريد: في حلوقكم. ومثله قول الآخر:


3407 - به جيف الحسرى فأما عظامها     فبيض وأما جلدها فصليب



[ ص: 324 ] يريد: جلودها، ومنه "وعلى سمعهم" وقد تقدم طرف من هذا.

قوله: "أحسن الخالقين" فيه ثلاثة أوجه. أحدها: أنه بدل من الجلالة. الثاني: أنه نعت للجلالة وهو أولى مما قبله; لأن البدل بالمشتق يقل. الثالث: أن يكون خبر مبتدأ مضمر أي: هو أحسن. والأصل عدم الإضمار. وقد منع أبو البقاء أن يكون وصفا قال: "لأنه نكرة وإن أضيف لمعرفة; لأن المضاف إليه عوض من "من" وهكذا جميع أفعل منك". قلت: وهذا بناء منه على أحد القولين في أفعل التفضيل إذا أضيف: هل إضافته محضة أم لا؟ والصحيح الأول.

والخالقين أي: المقدرين كقول زهير:


3408 - ولأنت تفري ما خلقت وبعـ     ـض القوم يخلق ثم لا يفري



[653/ب] والمميز لأفعل محذوف لدلالة المضاف إليه عليه أي: أحسن الخالقين خلقا أي: المقدرين تقديرا كقوله: "أذن للذين يقاتلون" أي: في القتال. حذف المأذون فيه لدلالة الصلة عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية