صفحة جزء
آ. (19) قوله : بما تقولون : هذه الجملة من كلام الله تعالى اتفاقا، فهي على إضمار القول والالتفات. قال الزمخشري: "هذه المفاجأة بالاحتجاج والإلزام حسنة رائعة، وخاصة إذا انضم إليها الالتفات وحذف القول. ونحوها قوله عز وجل: "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير " وقول القائل:


3478 - قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا ثم القفول فقد جئنا خرسانا



انتهى. يريد: أن الأصل في الآية الكريمة: فقلنا: قد كذبوكم، وفي البيت فقلنا: قد جئنا. والخطاب في "كذبوكم" للكفار، فالمعنى: فقد كذبكم المعبودون بما تقولون من أنهم أضلوكم. وقيل: المعنى: فقد كذبوكم فيما تقولون من الافتراء عليهم أنهم أضلوكم وقيل: هو خطاب للمؤمنين في الدنيا أي: فقد كذبكم أيها المؤمنون الكفار بما تقولون من التوحيد في الدنيا.

وقرأ أبو حيوة وقنبل في رواية ابن أبي الصلت عنه بالياء من تحت [ ص: 468 ] أي: فقد كذبكم الآلهة بما يقولون "سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ" إلى آخره. وقيل: المعنى: فقد كذبكم أيها المؤمنون الكفار بما يقولون من الافتراء عليكم.

قوله: "فما تستطيعون" قرأ حفص بتاء الخطاب والمراد عبادها. والباقون بياء الغيبة. والمراد الآلهة التي كانوا يعبدونها من عاقل وغيره; ولذلك غلب العاقل فجيء بواو الضمير.

قوله: "نذقه" العامة بنون العظمة، وقرئ بالياء وفي الفاعل وجهان، أظهرهما: أنه الله تعالى لدلالة قراءة العامة على ذلك. والثاني: أنه ضمير الظلم المفهوم من الفعل. وفيه تجوز بإسناد إذاقة العذاب إلى سببها وهو الظلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية