صفحة جزء
آ. (20) قوله : إلا إنهم ليأكلون : في هذه الجملة ثلاثة أوجه، أحدها: أنها في محل نصب صفة لمفعول محذوف، فقدره الزمخشري تابعا للزجاج: "وما أرسلنا قبلك أحدا من المرسلين إلا آكلين وماشين" وإنما حذف لمكان الجار بعده. وقدره ابن عطية: "رجالا أو رسلا". والضمير في "إنهم" وما بعده عائد على هذا الموصوف المحذوف. والثاني: أنه لا محل لها من الإعراب، وإنما هي صلة لموصول محذوف هو المفعول لأرسلنا، تقديره: إلا من إنهم، فالضمير في "إنهم" وما بعده عائد [ ص: 469 ] على معنى "من" المقدرة، وإليه ذهب الفراء. وهو مردود: بأن حذف الموصول لا يجوز إلا في مواضع تقدم التنبيه عليها في البقرة. الثالث: أن الجملة محلها النصب على الحال. وإليه ذهب أبو بكر بن الأنباري. قال: التقدير: إلا وإنهم، يعني أنها حالية، فقدر معها الواو بيانا للحالية. ورد: بكون ما بعد " إلا " صفة لما قبلها. وقدره أبو البقاء أيضا.

والعامة على كسر "إن" لوجود اللام في خبرها، ولكون الجملة حالا على الراجح. قال أبو البقاء: "وقيل: لو لم تكن اللام لكسرت أيضا; لأن الجملة حالية، إذ المعنى: إلا وهم [يأكلون]". وقرئ "أنهم" بالفتح على زيادة اللام، و "أن" مصدرية. التقدير: إلا لأنهم. أي: ما جعلناهم رسلا إلى الناس إلا لكونهم مثلهم.

وقرأ العامة "يمشون" خفيفة. وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعبد الله "يمشون" مشددا مبنيا للمفعول. أي: تمشيهم حوائجهم أو الناس. وقرأ [أبو] عبد الرحمن "يمشون" بالتشديد مبنيا للفاعل، وهي بمعنى "يمشون". قال الشاعر:


3479 - ومشى بأعطان المباءة وابتغى قلائص منها صعبة وركوب



[ ص: 470 ] قال الزمخشري: "ولو قرئ "يمشون" لكان أوجه، لولا الرواية" يعني بالتشديد. قلت: قد قرأ بها السلمي ولله الحمد.

قوله: "أتصبرون" المعادل محذوف أي: أم لا تصبرون. وهذه الجملة الاستفهامية قال الزمخشري: "موقعها بعد الفتنة موقع "أيكم" بعد الابتلاء في قوله " ليبلوكم أيكم أحسن " يعني أنها معلقة لما فيها من معنى فعل القلب، فتكون منصوبة المحل على إسقاط الخافض.

التالي السابق


الخدمات العلمية