صفحة جزء
آ. (59) قوله : الذي خلق السماوات : يجوز فيه على قراءة العامة في "الرحمن" بالرفع أوجه، أحدها: أن يكون مبتدأ و "الرحمن" خبره، وأن يكون خبر مبتدأ مقدر أي: هو الذي خلق، وأن يكون منصوبا بإضمار فعل، وأن يكون صفة للحي الذي لا يموت أو بدلا [677/ب] أو بيانا. وأما على قراءة زيد بن علي "الرحمن" بالجر فيتعين أن يكون "الذي خلق" صفة للحي فقط; لئلا يفصل بين النعت ومنعوته بأجنبي.

[ ص: 493 ] قوله: "الرحمن" من قرأ بالرفع ففيه أوجه، أحدها: أنه خبر "الذي خلق" وقد تقدم. أو يكون خبر مبتدأ مضمر أي: هو الرحمن، أو يكون بدلا من الضمير في "استوى" أو يكون مبتدأ، وخبره الجملة من قوله "فاسأل به" على رأي الأخفش. كقوله:


3489 - وقائلة خولان فانكح فتاتهم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



أو يكون صفة للذي خلق، إذا قلنا: إنه مرفوع. وأما على قراءة زيد فيتعين أن يكون نعتا.

قوله: "به" في الباء قولان: أحدهما: هي على بابها، وهي متعلقة بالسؤال. والمراد بالخبير الله تعالى، ويكون من التجريد، كقولك: لقيت به أسدا. والمعنى: فاسأل الله الخبير بالأشياء. قال الزمخشري: "أو فاسأل بسؤاله خبيرا، كقولك: رأيت به أسدا أي: برؤيته" انتهى. ويجوز أن تكون الباء صلة " خبيرا " و " خبيرا " مفعول "اسأل" على هذا، أو منصوب على الحال المؤكدة. واستضعفه أبو البقاء. قال "ويضعف أن يكون خبيرا حالا من فاعل "اسأل" لأن الخبير لا يسأل إلا على جهة التوكيد كقوله: "وهو الحق مصدقا" ثم قال: "ويجوز أن يكون حالا من "الرحمن" إذا رفعته بـ استوى.

[ ص: 494 ] والثاني: أن تكون الباء بمعنى "عن": إما مطلقا، وإما مع السؤال خاصة كهذه الآية الكريمة وكقول الشاعر:


3490 - فإن تسألوني بالنساء. . . . . . . . . . . . .      . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



البيت. والضمير في "عنه" لله تعالى و "خبيرا" من صفات الملك وهو جبريل عليه السلام. ويجوز على هذا - أعني كون "خبيرا" من صفات جبريل- أن تكون الباء على بابها، وهي متعلقة بـ "خبيرا" كما تقدم أي: فاسأل الخبراء به.

التالي السابق


الخدمات العلمية