صفحة جزء
[ ص: 561 ] آ. (209) قوله : ذكرى : يجوز فيها أوجه، أحدها: أنها مفعول من أجله. وإذا كانت مفعولا من أجله ففي العامل فيه وجهان، أحدهما: "منذرون"، على أن المعنى: منذرون لأجل الموعظة والتذكرة. الثاني: "أهلكنا". قال الزمخشري: "والمعنى: وما أهلكنا من أهل قرية ظالمين إلا بعدما ألزمناهم الحجة بإرسال المنذرين إليهم ليكون [إهلاكهم] تذكرة وعبرة لغيرهم فلا يعصوا مثل عصيانهم" ثم قال: "وهذا الوجه عليه المعول".

قال الشيخ "وهذا لا معول عليه; فإن مذهب الجمهور أن ما قبل "إلا" لا يعمل فيما بعدها، إلا أن يكون مستثنى، أو مستثنى منه، أو تابعا له غير معتمد على الأداة نحو: "ما مررت بأحد إلا زيد من عمرو"، والمفعول له ليس واحدا من هذه. ويتخرج مذهبه على مذهب الكسائي والأخفش، وإن كانا لم ينصا على المفعول له بخصوصيته". قلت: والجواب ما تقدم قبل ذلك من أنه يختار مذهب الأخفش.

الثاني: من الأوجه الأول: أنها في محل رفع خبرا لمبتدأ محذوف أي: هذه ذكرى. وتكون الجملة اعتراضية. الثالث: أنها صفة لـ منذرون: إما على المبالغة، وإما على الحذف أي: منذرون ذوو ذكرى، أو على وقوع المصدر وقوع اسم الفاعل أي: منذرون مذكرون. وقد تقدم تقرير ذلك. الرابع: أنها في محل نصب على الحال أي: مذكرين، أو ذوي ذكرى، أو جعلوا نفس الذكرى مبالغة. الخامس: أنها منصوبة على المصدر المؤكد.

[ ص: 562 ] وفي العامل فيها حينئذ وجهان، أحدهما: لفظ "منذرون" لأنه من معناها فهما كـ "قعدت جلوسا". والثاني: أنه محذوف من لفظها أي: تذكرون ذكرى. وذلك المحذوف صفة لـ "منذرون".

التالي السابق


الخدمات العلمية