صفحة جزء
آ. (270) قوله تعالى: وما أنفقتم من نفقة : كقوله: [ ص: 607 ] "ما ننسخ"" وما تفعلوا من خير" وقد تقدم تحقيق القول فيهما. وتقدم أيضا مادة "نذر" في قوله: "أأنذرتهم"، إلا أن النذر له خصوصية: وهو عقد الإنسان ضميره على شيء والتزامه، وفعله: نذر - بالفتح - ينذر وينذر: بالكسر والضم في المضارع، يقال: نذر فهو ناذر، قال عنترة:


1077 - الشاتمي عرضي ولم أشتمهما والناذرين إذا لم ألقهما دمي

وقوله: "فإن الله يعلمه" جواب الشرط إن كانت "ما" شرطية، أو زائدة في الخبر إن كانت موصولة. ووحد الضمير في "يعلمه" وإن كان قد تقدم شيئان: النفقة والنذر لأن العطف هنا بـ "أو"، وهي لأحد الشيئين، تقول: "إن جاء زيد أو عمرو أكرمته"، ولا يجوز: أكرمتهما، بل يجوز أن تراعي الأول نحو: "زيد أو هند منطلق، أو الثاني نحو: زيد أو هند منطلقة، والآية من هذا، ولا يجوز أن يقال: منطلقان. ولهذا تأول النحويون: "إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما" كما سيأتي. ومن مراعاة الأول قوله: "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها"، وبهذا الذي قررته لا يحتاج إلى تأويلات ذكرها المفسرون هنا: فروي عن النحاس أنه قال: "التقدير: وما أنفقتم من [ ص: 608 ] نفقة فإن الله يعلمها، أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه، فحذف، ونظره بقوله: "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها" وقوله:


1078 - نحن بما عندنا وأنت بما     عندك راض والرأي مختلف

وقول الآخر:


1079 - رماني بأمر كنت منه ووالدي     بريئا ومن أجل الطوي رماني

وهذا لا يحتاج إليه; لأن ذلك إنما هو في الواو المقتضية للجمع بين الشيئين، وأما "أو" المقتضية لأحد الشيئين فلا. وقال ابن عطية: "ووحد الضمير في "يعلمه" وقد ذكر شيئين من حيث إنه أراد ما ذكر أو ما نص"، ولا حاجة إلى هذا أيضا لما عرفت من حكم "أو".

التالي السابق


الخدمات العلمية