صفحة جزء
آ. (20) قوله : ما لي لا أرى الهدهد : هذا استفهام توقيف، ولا حاجة إلى ادعاء القلب، وأن الأصل: ما للهدهد لا أراه؟ إذ المعنى قوي دونه. والهدهد معروف. وتصغيره على هديهد وهو القياس. وزعم بعض النحويين أنه تقلب ياء تصغيره ألفا، فيقال: هداهد. وأنشد:


3553 - كهداهد كسر الرماة جناحه يدعو بقارعة الطريق هديلا



كما قالوا دوابة وشوابة، في: دويبة وشويبة. ورده بعضهم: بأن الهداهد الحمام، الكثير ترجيع الصوت. تزعم العرب أن جارحا في زمان الطوفان، اختطف فرخ حمامة تسمى الهديل. قالوا: فكل حمامة تبكي فإنما تبكي على الهديل.

[ ص: 592 ] قوله: "أم كان" هذه "أم" المنقطعة وقد تقدم الكلام فيها. وقال ابن عطية: قوله "ما لي لا أرى الهدهد" مقصد الكلام: الهدهد غاب، ولكنه أخذ اللازم عن مغيبه: وهو أن لا يراه، فاستفهم على جهة التوقف عن اللازم، وهذا ضرب من الإيجاز. والاستفهام الذي في قوله: " ما لي " ناب مناب الألف التي تحتاجها "أم". قال الشيخ: "فظاهر كلامه أن "أم" متصلة، وأن الاستفهام الذي في قوله "ما لي" ناب مناب ألف الاستفهام. فمعناه: أغاب عني الآن فلم أره حال التفقد أم كان ممن غاب قبل، ولم أشعر بغيبته؟". قلت: لا يظن بأبي محمد ذلك، فإنه لا يجهل أن شرط المتصلة تقدم همزة الاستفهام أو التسوية لا مطلق الاستفهام.

التالي السابق


الخدمات العلمية