صفحة جزء
آ. (60) قوله : أمن خلق : أم هذه منقطعة; لعدم تقدم همزة استفهام ولا تسوية. و "من خلق" مبتدأ. وخبره محذوف، فقدره الزمخشري: "خير أم ما تشركون" فقدر ما أثبته في الاستفهام الأول، وهو حسن، وقدره ابن عطية: "يكفر بنعمته ويشرك به، ونحو هذا من المعنى".

[ ص: 630 ] وقال أبو الفضل الرازي: "لا بد من إضمار جملة معادلة، وصار ذلك المضمر كالمنطوق [به] لدلالة الفحوى عليه. وتقدير تلك الجملة: أمن خلق السماوات والأرض كمن لم يخلق، وكذلك أخواتها. وقد أظهر في غير هذا الموضع ما أضمر فيها، كقوله تعالى: "أفمن يخلق كمن لا يخلق". قال الشيخ: "وتسمية هذا المقدر جملة: إن أراد بها جملة من الألفاظ فصحيح، وإن أراد الجملة المصطلح عليها في النحو فليس بصحيح، بل هو مضمر من قبيل المفرد".

وقرأ الأعمش: "أمن" بتخفيف الميم جعلها "من" الموصولة، داخلة عليها همزة الاستفهام. وفيه وجهان، أحدهما: أن تكون مبتدأة، والخبر محذوف. وتقديره ما تقدم من الأوجه. ولم يذكر الشيخ غير هذا. والثاني: أنها بدل من "الله" كأنه قيل: أمن خلق السماوات والأرض خير أم ما تشركون. ولم يذكر الزمخشري غيره. ويكون قد فصل بين البدل والمبدل منه بالخبر وبالمعطوف على المبدل منه. وهو نظير قولك: "أزيد خير أم عمرو أأخوك" على أن يكون "أأخوك" بدلا من "أزيد"، وفي جواز مثل هذا نظر.

قوله: "فأنبتنا" هذا التفات من الغيبة إلى التكلم لتأكيد معنى اختصاص [ ص: 631 ] الفعل بذاته، والإنذار بأن إنبات الحدائق المختلفة الألوان والطعوم مع سقيها بماء واحد لا يقدر عليه إلا هو وحده; ولذلك رشحه بقوله: "ما كان لكم أن تنبتوا شجرها".

والحدائق: جمع حديقة، وهي البستان. وقيل: القطعة من الأرض ذات الماء. قال الراغب: "سميت بذلك تشبيها بحدقة العين في الهيئة وحصول الماء فيه" وقال غيره: سميت بذلك لإحداق الجدران بها. وليس بشيء لأنها يطلق عليها ذلك مع عدم الجدران.

ووقف القراء على "ذات" من "ذات بهجة" بتاء مجبورة. والكسائي بهاء لأنها تاء تأنيث.

قوله: "ما كان لكم أن تنبتوا" "أن تنبتوا" اسم كان، و "لكم" خبر مقدم. والجملة المنفية يجوز أن تكون صفة لـ "حدائق"، وأن تكون حالا لتخصصها بالصفة. وقرأ ابن أبي عبلة "ذوات بهجة" بالجمع وفتح هاء "بهجة".

التالي السابق


الخدمات العلمية