صفحة جزء
آ. (276) قوله تعالى: يمحق الله الربا ويربي : الجمهور على التخفيف في الفعلين من محق وأربى. وقرأ ابن الزبير: ورويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "يمحق ويربي" بالتشديد فيهما من "محق وربى" بالتشديد فيهما.

وقوله: "سلف" سلف بمعنى مضى وانقضى، ومنه: سالف الدهر، وله سلف صالح: آباء متقدمون. ومنه "فجعلناهم سلفا" أي: أمة متقدمة يعتبر بهم من بعدهم. ويجمع السلف على: أسلاف وسلوف. والسالفة والسلاف: المتقدمون في حرب أو سفر. والسالفة من الوجه لتقدمها. قال:


1103 - ومية أحسن الثقلين جيدا وسالفة وأحسنه قذالا

وسلافة الخمر قيل لها ذلك لتقدمها على العصر. والسلفة ما يقدم من الطعام للضيف. يقال: "سلفوا ضيفكم ولهنوه" أي: بادروه بشيء ما. ومنه: السلف في الدين لأنه تقدمه مال.

وقوله: "عاد" أي: رجع، يقال: عاد يعود عودا ومعادا، وعن بعضهم أنها تكون بمعنى صار، وعليه:

[ ص: 636 ]

1104 - وبالمحض حتى عاد جعدا عنطنطا     إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه

وأنشدوا


1105 - تعد لكم جزر الجزور رماحنا     ويرجعن بالأسياف منكسرات

والمحق: النقص، يقال: محقته فانمحق، وامتحق، ومنه المحاق في القمر، قال:


1106 - يزداد حتى إذا ما تم أعقبه     كر الجديدين نقصا ثم ينمحق

وأنشد ابن السكيت:


1107 - وأمصلت مالي كله بحياته     وما سست من شيء فربك ماحقه

ويقال: هجير ماحق: إذا نقص كل شيء بحره.

وقد اشتملت هذه الآية على نوعين من البديع، أحدهما: الطباق في قوله: "يمحق ويربي" فإنهما ضدان، نحو: "أضحك وأبكى"، والثاني: تجنيس التغاير في قوله: "الربا ويربي" إذ أحدهما اسم والآخر فعل.

التالي السابق


الخدمات العلمية