صفحة جزء
آ. (76) قوله : ما إن مفاتحه : "ما" موصولة بمعنى الذي، [ ص: 693 ] صلتها "إن" وما في حيزها، ولهذا كسرت. ونقل الأخفش الصغير عن الكوفيين منع الوصل بـ "إن"، وكان يستقبح ذلك عنهم. يعني لوجوده في القرآن.

قوله: "لتنوء بالعصبة" فيه وجهان، أحدهما: أن الباء للتعدية كالهمزة، ولا قلب في الكلام. والمعنى: لتنيء المفاتيح العصبة الأقوياء، كما تقول: أجأته وجئت به، وأذهبته وذهبت به. ومعنى ناء بكذا: نهض به بثقل. قال:


3626 - تنوء بأخراها فلأيا قيامها وتمشي الهوينى عن قريب فتبهر



وقال أبو زيد: "نؤت بالعمل أي: نهضت". قال:


3627 - إذا وجدنا خلفا بئس الخلف     عبدا إذا ما ناء بالحمل وقف



وفسره الزمخشري بالإثقال. قال: "يقال: ناء به الحمل، حتى أثقله وأماله" وعليه ينطبق المعنى أي: لتثقل المفاتح العصبة.

والثاني: أن في الكلام قلبا، والأصل: لتنوء العصبة بالمفاتح، أي: [ ص: 694 ] لتنهض بها. قاله أبو عبيد، كقولهم: "عرضت الناقة على الحوض". وقد تقدم الكلام في القلب، وأن فيه ثلاثة مذاهب.

وقرأ بديل بن ميسرة "لينوء" بالياء من تحت والتذكير; لأنه راعى المضاف المحذوف. إذ التقدير: حملها أو ثقلها. وقيل: الضمير في "مفاتحه" لقارون، فاكتسب المضاف من المضاف إليه التذكير كقولهم: "ذهبت أهل اليمامة" قاله الزمخشري. يعني كما اكتسب "أهل" التأنيث اكتسب هذا التذكير.

قوله: "إذ قال" فيه أوجه: أن يكون معمولا لتنوء. قاله الزمخشري: أو لـ "بغى" قاله ابن عطية. وردهما الشيخ: بأن المعنى ليس على التقييد بهذا الوقت. أو لـ "آتيناه" قاله أبو البقاء. ورده الشيخ: بأن الإيتاء لم يكن ذلك الوقت، أو لمحذوف فقدره أبو البقاء: بغى عليهم. وهذا ينبغي أن يرد [ ص: 695 ] بما رد به قول ابن عطية. وقدره الطبري: اذكر، وقدره الشيخ: أظهر الفرح وهو مناسب.

وقرئ "الفارحين" حكاها عيسى الحجازي.

التالي السابق


الخدمات العلمية