صفحة جزء
آ . (25) قوله : إنما اتخذتم : في " ما " هذه ثلاثة أوجه ، أحدها : أنها موصولة بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، وهو المفعول الأول . و " أوثانا " مفعول ثان . والخبر " مودة " في قراءة من رفع كما سيأتي . والتقدير : إن الذي اتخذتموه أوثانا مودة ، أي : ذو مودة ، أو جعل نفس المودة ، ومحذوف على قراءة من نصب " مودة " أي : إن الذي اتخذتموه أوثانا لأجل المودة لا ينفعكم ، أو " يكون عليكم " ، لدلالة قوله : ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض .

الثاني : أن تجعل " ما " كافة ، و " أوثانا " مفعول به . والاتخاذ هنا متعد لواحد ، أو لاثنين ، والثاني ، هو من دون الله فمن رفع " مودة " كانت خبر مبتدأ مضمر . أي : هي مودة ، أي : ذات مودة ، أو جعلت نفس المودة مبالغة . والجملة حينئذ صفة لـ " أوثانا " أو مستأنفة . ومن نصب كانت مفعولا له ، أو بإضمار أعني .

الثالث : أن تجعل " ما " مصدرية ، وحينئذ يجوز أن يقدر مضافا من الأول أي : إن سبب اتخاذكم أوثانا مودة ، فيمن رفع " مودة " . ويجوز أن لا يقدر ، بل [ ص: 18 ] يجعل نفس الاتخاذ هو المودة مبالغة . وفي قراءة من نصب يكون الخبر محذوفا ، على ما مر في الوجه الأول .

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي برفع " مودة " غير منونة وجر " بينكم " . ونافع وابن عامر وأبو بكر بنصب " مودة " منونة ونصب " بينكم " . وحمزة وحفص بنصب " مودة " غير منونة وجر " بينكم " . فالرفع قد تقدم . والنصب أيضا تقدم فيه وجهان ، ويجوز وجه ثالث ، وهو أن تجعل مفعولا ثانيا على المبالغة ، والإضافة للاتساع في الظرف كقولهم :

3638 - يا سارق الليلة أهل الدار

ومن نصبه فعلى أصله . ونقل عن عاصم أنه رفع " مودة " غير منونة ونصب " بينكم " . وخرجت على إضافة " مودة " للظرف ، وإنما بني لإضافته إلى غير متمكن كقراءة لقد تقطع بينكم بالفتح إذا جعلنا " بينكم " فاعلا .

وأما " في الحياة " ففيه [أوجه ] أحدها : أنه هو و " بينكم " متعلقان بـ " مودة " إذا نونت . وجاز تعلقهما بعامل واحد لاختلافهما . الثاني : أن يتعلقا بمحذوف على أنهما صفتان لـ " مودة " . الثالث : أن يتعلق " بينكم " بـ" مودة " . و " في الحياة " صفة لـ " مودة " . ولا يجوز العكس لئلا يلزم إعمال المصدر الموصوف . والفرق بينه وبين الأول أن الأول عمل فيه المصدر قبل أن يوصف ، وهذا عمل فيه بعد [ ص: 19 ] أن وصف .

على أن ابن عطية جوز ذلك هو وغيره وكأنهم اتسعوا في الظرف . فهذا وجه رابع .

الخامس : أن يتعلق " في الحياة " بنفس " بينكم " لأنه بمعنى الفعل ، إذ التقدير : اجتماعكم ووصلكم . السادس : أن يكون حالا من نفس " بينكم " . السابع : أن يكون " بينكم " صفة لـ " مودة " . و " في الحياة " حال من الضمير المستكن فيه . الثامن : أن يتعلق " في الحياة " بـ " اتخذتم " على أن تكون " ما " كافة و " مودة " منصوبة . قال أبو البقاء : " لئلا يؤدي إلى الفصل بين الموصول وما في الصلة بالخبر " .

التالي السابق


الخدمات العلمية