صفحة جزء
[ ص: 72 ] آ . (18) قوله تعالى : شهد الله : العامة على "شهد " فعلا ماضيا مبنيا للفاعل ، والجلالة الكريمة رفع به . وقرأ أبو الشعثاء : "شهد " مبنيا للمفعول ، والجلالة المعظمة قائمة مقام الفاعل ، وعلى هذه القراءة ، فيكون أنه لا إله إلا هو في محل رفع بدلا من اسم الله تعالى بدل اشتمال ، تقديره : شهد وحدانية الله وألوهيته ، ولما كان المعنى على هذه القراءة كذا أشكل عطف والملائكة وأولو العلم على الجلالة الكريمة ، فخرج ذلك على عدم العطف ، بل : إما على الابتداء والخبر محذوف لدلالة الكلام عليه تقديره : والملائكة وأولو العلم يشهدون بذلك ، يدل عليه قوله تعالى : شهد الله ، وإما على الفاعلية بإضمار محذوف ، تقديره : وشهد الملائكة وأولو العلم بذلك ، وهو قريب من قوله تعالى : يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال في قراءة من بناه للمفعول ، وقوله :


1201 - ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ... ... ...



في أحد الوجهين .

وقرأ أبو المهلب عم محارب بن دثار : "شهداء الله " جمعا على فعلاء [ ص: 73 ] كظرفاء منصوبا ، وروي عنه وعن أبي نهيك كذلك ، إلا أنه مرفوع ، وفي كلتا القراءتين مضاف للجلالة . فأما النصب فعلى الحال ، وصاحبها هو الضمير المستتر في "المستغفرين " قاله ابن جني ، وتبعه غيره كالزمخشري وأبي البقاء . وأما الرفع فعلى إضمار مبتدأ ، أي : هم شهداء الله . و "شهداء " يحتمل أن يكون جمع شاهد كشاعر وشعراء ، وأن يكون جمع شهيد كظريف وظرفاء .

وقرأ أبو المهلب أيضا في رواية : "شهدا الله " بضم الشين والهاء والتنوين ونصب الجلالة المعظمة ، وهو منصوب على الحال ، جمع شهيد نحو : نذير ونذر ، واسم الله منصوب على التعظيم أي : يشهدون الله أي : وحدانيته .

وروى النقاش أنه قرئ كذلك ، إلا أنه قال : "برفع الدال ونصبها " والإضافة للجلالة المعظمة . فالنصب والرفع على ما تقدم في "شهداء " ، وأما الإضافة فتحتمل أن تكون محضة ، بمعنى أنك عرفتهم بإضافتهم إليه من غير تعرض لحدوث فعل ، كقولك : عباد الله ، وأن تكون من نصب كالقراءة قبلها فتكون غير محضة . وقد نقل الزمخشري أنه قرئ : "شهداء لله " جمعا على فعلاء وزيادة لام جر داخلة على اسم الله ، وفي الهمزة الرفع والنصب وخرجهما على ما تقدم من الحال والخبر .

[ ص: 74 ] وعلى هذه القراءات كلها ففي رفع "الملائكة " وما بعدها ثلاثة أوجه ، أحدها الابتداء والخبر محذوف . والثاني : أنه فاعل بفعل مقدر وقد تقدم تحريرها . الثالث - ذكره الزمخشري - : وهو النسق على الضمير المستكن في "شهداء الله " قال : "وجاز ذلك لوقوع الفاصل بينهما " .

قوله : "أنه " العامة على فتح الهمزة ، وإنما فتحت لأنها على حذف حرف ، الجر ، أي : شهد الله بأنه لا إله إلا هو ، فلما حذف الحرف جاز أن يكون محلها نصبا وأن يكون محلها جرا كما تقدم تقديره .

وقرأ ابن عباس : "إنه " بكسر الهمزة ، وفيها تخريجان ، أحدهما : إجراء "شهد " مجرى القول لأنه بمعناه ، وكذا وقع في التفسير : شهد الله أي : قال الله ، ويؤيده ما نقله المؤرج أن "شهد " بمعنى "قال " لغة قيس بن عيلان . والثاني : أنها جملة اعتراض بين العامل وهو شهد وبين معموله وهو قوله إن الدين عند الله الإسلام ، وجاز ذلك لما في هذه الجملة من التأكيد وتقوية المعنى ، وهذا إنما يتجه على قراءة فتح "أن " من "أن الدين " ، وأما على قراءة الكسر فلا يجوز ، فيتعين الوجه الأول .

والضمير في "أنه " يحتمل العود على الباري لتقدم ذكره ، ويحتمل أن يكون ضمير الأمر ، ويؤيد ذلك قراءة عبد الله : شهد الله أن لا إله إلا هو فأن مخففة في هذه القراءة ، والمخففة لا تعمل إلا في ضمير الشأن ويحذف حينئذ ، ولا تعمل في غيره إلا ضرورة .

[ ص: 75 ] وأدغم أبو عمرو بخلاف عنه واو "هو " في واو النسق بعدها وقد تقدم تحقيق هذه المسألة في البقرة عند قوله : هو والذين آمنوا معه .

قوله : قائما بالقسط في نصبه أربعة أوجه أحدها : أنه منصوب على الحال ، واختلف القائل بذلك : فبعضهم جعله حالا من اسم الله ، فالعامل فيها "شهد " . قال الزمخشري : "وانتصابه على أنه حال مؤكدة منه كقوله تعالى : وهو الحق مصدقا . قال الشيخ : " وليس من باب الحال المؤكدة لأنه ليس من باب : ويوم يبعث حيا ولا من باب "أنا عبد الله شجاعا " فليس "قائما بالقسط " بمعنى شهد ، وليس مؤكدا لمضمون الجملة السابقة في نحو : أنا عبد الله شجاعا وهو زيد شجاعا ، لكن في هذا التخريج قلق في التركيب ، إذ يصير كقولك : "أكل زيد طعاما وعائشة وفاطمة جائعا " فيفصل بين المعطوف عليه والمعطوف بالمفعول ، وبين الحال وذي الحال بالمفعول والمعطوف ، لكن بمشيئة كونها كلها معمولة لعامل واحد " . انتهى .

قلت : مؤاخذته له في قوله : " مؤكدة "غير ظاهر ، وذلك أن الحال على قسمين : إما مؤكدة وإما مبينة ، وهي الأصل ، فالمبينة لا جائز أن تكون ها هنا ، لأن المبينة تكون متنقلة ، والانتقال هنا محال ، إذ عدل الله تعالى لا يتغير ، فإن قيل لنا قسم ثالث ، وهي الحال اللازمة فكان للزمخشري مندوحة عن قوله " مؤكدة " إلى قوله " لازمة "فالجواب أن كل مؤكدة لازمة وكل لازمة مؤكدة [ ص: 76 ] فلا فرق بين العبارتين ، وإن كان الشيخ زعم أن إصلاح العبارة يحصل بقوله : " لازمة " ، ويدل على ما ذكرته من ملازمة التأكيد للحال اللازمة وبالعكس الاستقراء .

وقوله : "ليس معنى قائما بالقسط معنى شهد " ممنوع بل معنى "شهد " مع متعلقه وهو أنه لا إله إلا هو مساو لقوله "قائما بالقسط " لأن التوحيد ملازم للعدل .

ثم قال الزمخشري : "فإن قلت : لم جاز إفراده بنصب الحال دون المعطوفين عليه ، ولو قلت : " جاءني زيد وعمرو راكبا "لم يجز ؟ قلت : إنما جاز هذا لعدم الإلباس كما جاز في قوله تعالى : ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة إن انتصب " نافلة "حالا عن " يعقوب "ولو قلت : " جاءني زيد وهند راكبا "جاز لتميزه بالذكورة .

قال الشيخ : " وما ذكره من قوله : "جاءني زيد وعمرو راكبا " أنه لا يجوز ليس كما ذكر ، بل هذا جائز لأن الحال قيد فيمن وقع منه أو به الفعل أو ما أشبه ذلك ، وإذا كان قيدا فإنه يحمل على أقرب مذكور ، ويكون "راكبا " حالا مما يليه ، ولا فرق في ذلك بين الحال والصفة ، لو قلت : "جاءني زيد وعمرو الطويل " كان "الطويل " صفة لعمرو ، ولا تقول : لا تجوز هذه المسألة للبس ، إذ لا لبس في هذا وهو جائز ، وكذلك الحال . وأما قوله : "إن نافلة " انتصب حالا عن يعقوب "فلا يتعين أن يكون حالا عن يعقوب ؛ إذ يحتمل أن يكون " نافلة "مصدرا كالعاقبة والعافية ، ومعناه : زيادة ، فيكون ذلك شاملا لإسحاق ويعقوب لأنهما زيدا لإبراهيم بعد ابنه إسماعيل وغيره " قلت : مراد الزمخشري بمنع "جاءني زيد وعمرو راكبا " إذ أريد أن الحال منهما معا ، أما [ ص: 77 ] إذا أريد أنها حال من واحد منهما فإنما تجعل لما تليه ، لعود الضمير على أقرب مذكور ، وبعضهم جعله حالا من "هو " قال الزمخشري : "فإن قلت : قد جعلته حالا من فاعل " شهد "فهل يصح أن ينتصب حالا عن " هو "في " لا إله إلا هو " ؟ قلت : نعم لأنها حال مؤكدة ، والحال المؤكدة لا تستدعي أن يكون في الجملة التي هي زيادة في فائدتها عامل فيها كقولك : " أنا عبد الله شجاعا " . انتهى . يعني أن الحال المؤكدة لا يكون العامل فيها النصب شيئا من الجملة السابقة قبلها ، إنما ينتصب بعامل مضمر ، فإن كان المتكلم مخبرا عن نفسه نحو : " أنا عبد الله شجاعا "قدرته : أحق شجاعا ، مبنيا للمفعول ، وإن كان مخبرا عن غيره قدرته مبنيا للفاعل نحو : " هذا عبد الله شجاعا "أي : أحقه ، هذا هو المذهب المشهور في نصب مثل هذه الحال . وفي المسألة قول ثان لأبي إسحاق أن العامل فيها هو خبر المبتدأ لما ضمن من معنى المشتق إذ هو بمعنى المسمى . وقول ثالث : أن العامل فيها المبتدأ لما ضمن من معنى التنبيه ، وهي مسألة طويلة . وبعضهم جعله حالا من الجميع على اعتبار كل واحد واحد قائما بالقسط ، وهذا مناقض لما قاله الزمخشري من أن الحال مختصة بالله تعالى دون ما عطف عليه . وهذا المذهب مردود بأنه لو جاز ذلك لجاز "جاء القوم راكبا " أي : كل واحد منهم راكبا ، والعرب لا تقول ذلك البتة ، ففسد هذا ، فهذه ثلاثة أوجه في صاحب الحال .

الوجه الثاني من أوجه نصب "قائما " نصبه على النعت للمنفي بلا ، كأنه قيل : لا إله قائما بالقسط إلا هو . قال الزمخشري : "فإن قلت : هل يجوز [ ص: 78 ] أن يكون صفة للمنفي ، كأنه قيل : لا إله قائما بالقسط إلا هو ؟ قلت : لا يبعد ، فقد رأيناهم يتسعون في الفصل بين الصفة والموصوف " ثم قال : "وهو أوجه من انتصابه عن فاعل " شهد " ، وكذلك انتصابه على المدح " .

قال الشيخ : وكان الزمخشري قد مثل في الفصل بين الصفة والموصوف بقوله : "لا رجل إلا عبد الله شجاعا قال : " وهذا الذي ذكره لا يجوز لأنه فصل بين الصفة والموصوف بأجنبي وهو المعطوفان اللذان هما "والملائكة وأولو العلم " وليسا معمولين لشيء من جملة "لا إله إلا هو " بل هما معمولان لشهد ، وهو نظير : "عرف زيد أن هندا خارجة وعمرو وجعفر التميمية " فيفصل بين "هند والتميمية " بأجنبي ليس داخلا في حيز ما عمل فيها ، وذلك الأجنبي هو "وعمرو وجعفر " المرفوعان المعطوفان على "زيد " . وأما المثال الذي مثل به وهو "لا رجل إلا عبد الله شجاعا " فليس نظير تخريجه في الآية ، لأن قولك "إلا عبد الله " بدل على الموضع من "لا رجل " فهو تابع على الموضع ، فليس بأجنبي ، على أن في جواز هذا التركيب نظرا ، لأنه بدل و "شجاعا " وصف ، والقاعدة أنه إذا اجتمع البدل والوصف قدم الوصف ؛ وسبب ذلك أنه على نية تكرار العامل على الصحيح ، فصار من جملة أخرى على هذا المذهب " .

الوجه الثالث : نصبه على المدح . قال الزمخشري : " فإن قلت : أليس من حق المنتصب على المدح أن يكون معرفة ، كقولك : "الحمد لله الحميد " "إنا معاشر الأنبياء لا نورث " .

[ ص: 79 ] [وقوله ] :


1202 - إنا بني نهشل لا ندعي لأب      ... ... ... ...



قلت قد جاء نكرة كما جاء معرفة ، وأنشد سيبويه مما جاء منه نكرة قول الهذلي :


1203 - ويأوي إلى نسوة عطل     وشعثا مراضيع مثل السعالي



انتهى .

قال الشيخ : "انتهى هذا السؤال وجوابه ، وفي ذلك تخليط ، وذلك أنه لم يفرق بين المنصوب على المدح أو الذم أو الترحم ، وبين المنصوب على الاختصاص ، وجعل حكمهما واحدا ، وأورد مثالا من المنصوب على المدح وهو : " الحمد لله الحميد "ومثالين من المنصوب على الاختصاص وهما : " إنا معاشر الأنبياء لا نورث " " إنا بني نهشل لا ندعي لأب " . والذي ذكره النحويون أن المنصوب على المدح أو الذم أو الترحم قد يكون معرفة ، وقبله معرفة تصلح أن يكون تابعا لها وقد لا تصلح ، وقد يكون نكرة كذلك ، وقد يكون نكرة وقبلها معرفة فلا يصلح أن يكون نعتا لها ، نحو قول النابغة : [ ص: 80 ]

1204 - أقارع عوف لا أحاول غيرها     وجوه قرود تبتغي من تجادع



فنصب " وجوه قرود "على الذم وقبله معرفة وهي " أقارع عوف " ، وأما المنصوب على الاختصاص فنصوا على أنه لا يكون نكرة ولا مبهما ، ولا يكون إلا معرفا بالألف واللام أو بالإضافة أو بالعلمية أو لفظ " أي " ، ولا يكون إلا بعد ضمير مختص به أو مشارك فيه ، وربما أتى بعد ضمير مخاطب " . قلت : إنما أراد الزمخشري بالمنصوب على الاختصاص المنصوب على إضمار فعل لائق ، سواء كان من الاختصاص المبوب له في النحو أم لا ، وهذا اصطلاح أهل المعاني والبيان ، وقد تقدم التنبيه على ذلك غير مرة .

الوجه الرابع : نصبه على القطع أي : إنه كان من حقه أن يرتفع نعتا لله تعالى بعد تعريفه بأل ، والأصل : شهد الله القائم بالقسط ، فلما نكر امتنع إتباعه فقطع إلى النصب . وهذا مذهب الكوفيين ، ونقله بعضهم عن الفراء وحده ، ومنه عندهم قول امرئ القيس :


1205 - ... ... ... ...     وعالين قنوانا من البسر أحمرا



الأصل : من البسر الأحمر ، وقد تقدم ذلك محققا . ويؤيد هذا الذاهب قراءة عبد الله "القائم بالقسط " برفع "القائم " تابعا للجلالة . وخرجه الزمخشري وغيره على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو القائم ، [أو بدلا [ ص: 81 ] من هو ] " . قال الشيخ : " ولا يجوز ذلك لأن فيه فصلا بين البدل والمبدل منه بأجنبي ، وهو المعطوفان ، لأنهما معمولان لغير العامل في المبدل منه ، ولو كان العامل في المعطوف هو العامل في المبدل منه لم يجز ذلك أيضا ؛ لأنه إذا اجتمع العطف والبدل قدم البدل على العطف ، لو قلت : "جاء زيد وعائشة أخوك " لم يجز ، إنما الكلام جاء زيد أخوك وعائشة " .

فتحصل في رفع " القائم "على هذه القراءة ثلاثة أوجه : النعت والبدل وخبر مبتدأ محذوف . ونقل عن عبد الله أيضا أنه قرأ : " قائم بالقسط "بالتنكير ، ورفعه من وجهي البدل وخبر المبتدأ . وقرأ أبو حنيفة : "قيما " بالنصب على ما تقدم . فهذه أربعة أوجه حررتها من كلام القوم .

والظاهر أن رفع "الملائكة " وما بعده عطف على الجلالة المعظمة . وقال بعضهم : "الكلام تم عند قوله : لا إله إلا هو وارتفع " الملائكة "بفعل مضمر تقديره : وشهد الملائكة وأولو العلم بذلك " وكأن هذا الذاهب يرى أن شهادة الله مغايرة لشهادة الملائكة وأولي العلم ، ولا يجيز إعمال المشترك في معنييه فاحتاج من أجل ذلك إلى إضمار فعل يوافق هذا المنطوق لفظا ويخالفه معنى ، وهذا يجيء نظيره في قوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي . قال الزمخشري : "فإن قلت : هل دخل قيامه بالقسط في حكم شهادة الله والملائكة وأولي العلم كما دخلت الوحدانية ؟ قلت : نعم إذا جعلته [ ص: 82 ] حالا من " هو "أو نصبا على المدح منه ، أو صفة للمنفي ، كأنه قيل : شهد الله والملائكة وأولو العلم أنه لا إله إلا هو وأنه قائم بالقسط " .

قوله : لا إله إلا هو في هذه الجملة وجهان ، أحدهما : أنها مكررة للتوكيد . قال الزمخشري : "فإن قلت : لم كرر قوله لا إله إلا هو ؟ قلت : ذكره أولا للدلالة على اختصاصه بالوحدانية ، وأنه لا إله إلا تلك الذات المتميزة ، ثم ذكره ثانيا بعد ما قرن بإثبات الوحدانية إثبات العدل للدلالة على اختصاصه بالأمرين ، كأنه قال : لا إله إلا هو الموصوف بالصفتين ، ولذلك قرن به قوله : العزيز الحكيم لتضمنها معنى الوحدانية والعدل " .

وقال بعضهم : "ليس بتكرير ؛ لأن الأول شهادة الله تعالى وحده ، والثاني شهادة الملائكة وأولي العلم " ، وهذا كما تقدم عند من يرفع "الملائكة " بفعل آخر مضمر لما ذكرته من أنه لا يرى إعمال المشترك ، وأن الشهادتين متغايرتان ، وهو مذهب مرجوح . وقال الراغب : "إنما كرر لا إله إلا هو لأن صفات التنزيه أشرف من صفات التمجيد ، لأن أكثرها مشارك في ألفاظها العبيد فيصح وصفهم بها ، ولذلك وردت ألفاظ التنزيه في حقه أكثر وأبلغ " .

قوله : العزيز الحكيم فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه بدل من "هو " . الثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر . الثالث : أنه نعت لـ "هو " ، وهذا إنما يتمشى على مذهب الكسائي ، فإنه يرى وصف الضمير الغائب ، ويتقدم نحو هذا في قوله : لا إله إلا هو الرحمن الرحيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية