صفحة جزء
آ . (8) قوله : أفترى : هذه همزة استفهام . وحذفت لأجلها همزة الوصل ، فلذلك تثبت هذه الهمزة وصلا وابتداء . وبهذه الآية استدل الجاحظ على أن الكلام ثلاثة أقسام : صدق ، كذب ، لا صدق ولا كذب . ووجه الدلالة منه على القسم الثالث أن قوله : أم به جنة لا جائز أن يكون كذبا لأنه قسيم الكذب ، وقسيم الشيء غيره ، ولا جائز أن يكون صدقا لأنهم لم يعتقدوه ، فثبت قسم ثالث . وقد أجيب عنه بأن المعنى : أم لم يفتر . ولكن عبر عن هذا بقولهم أم به جنة لأن المجنون لا افتراء له .

والظاهر في " أم " هذه متصلة ; لأنها تتقدر بأي الشيئين . ويجاب بأحدهما ، كأنه قيل : أي الشيئين واقع : افتراؤه الكذب أم كونه مجنونا ؟ [ ص: 157 ] ولا يضر كونها بعدها جملة ; لأن الجملة بتأويل المفرد كقوله :


3721 - لا أبالي أنب بالحزن تيس أم جفاني بظهر غيب لئيم



ومثله قول الآخر :


3722 - لعمرك ما أدري وإن كنت داريا     شعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر



" ابن منقر " خبر ، لا نعت . كذا أنشده بعضهم مستشهدا على أنها جملة ، وفيه حذف التنوين مما قبل " ابن " وليس بصفة . وقد عرفت ما أشرت إليه هنا من سورة التوبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية