آ . (16) قوله :
سيل العرم : فيه أوجه ، أحدها : أنه من باب إضافة الموصوف لصفته في الأصل ، إذ الأصل : السيل العرم . والعرم : الشديد . وأصله من العرامة ، وهي الشراسة والصعوبة . وعرم فلان فهو عارم وعرم . وعرام الجيش منه . الثاني : أنه من باب حذف الموصوف وإقامة صفته
[ ص: 172 ] مقامه . تقديره : فأرسلنا عليهم سيل المطر العرم أو الجرذ العرم أي الشديد الكثير . الثالث : أن العرم اسم للبناء الذي يجعل سدا . وأنشد :
3737 - من سبأ الحاضرين مأرب إذ يبنون من دون سيله العرما
أي البناء القوي . الرابع : أن العرم اسم للوادي الذي كان فيه الماء نفسه . الخامس : أنه اسم للجرذ وهو الفأر . قيل : هو الخلد . وإنما أضيف إليه لأنه تسبب عنه إذ يروى في التفسير : أنه قرض السكر إلى أن انفتح عليهم فغرقوا به . وعلى هذه الأقوال الثلاثة تكون الإضافة إضافة صحيحة معرفة نحو : غلام زيد أي : سيل البناء ، أو سيل الوادي الفلاني ، أو سيل الجرذ . وهؤلاء هم الذين ضربت بهم العرب في المثل للفرقة فقالوا : " تفرقوا أيدي سبأ وأيادي سبأ " .
قوله "
بجنتيهم جنتين " قد تقدم في البقرة أن المجرور بالباء هو الخارج ، والمنصوب هو الداخل ; ولهذا غلط من قال من الفقهاء : " فلو أبدل ضادا بظاء بطلت صلاته " بل الصواب أن يقال : ظاء بضاد .
قوله : "
أكل خمط " قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو على إضافة "
أكل " غير المضاف إلى
[ ص: 173 ] "
خمط " . والباقون بتنوينه غير مضاف وقد تقدم في البقرة أن
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبا عمرو والكوفيين يضمون كاف " أكل " غير المضاف لضمير المؤنثة ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافعا nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير يسكنونها بتفصيل هناك تقدم تحريره ، فيكون القراء هنا على ثلاث مراتب ، الأولى :
nindex.php?page=showalam&ids=12114لأبي عمرو " أكل خمط " بضم كاف " أكل " مضافا لـ " خمط " . الثانية :
nindex.php?page=showalam&ids=17192لنافع nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير تسكين كافه وتنوينه . الثالثة : للباقين ضم كافه وتنوينه . فمن أضاف جعل " الأكل " بمعنى الجنى والثمر . والخمط قيل : شجر الأراك . وقيل : كل شجر ذي شوك . وقيل : كل نبت أخذ طعما من مرارة . وقيل : شجرة لها ثمر تشبه الخشخاش لا ينتفع به .
قوله :
وأثل وشيء من سدر معطوفان على " أكل " لا على " خمط " لأن الخمط لا أكل له . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي : " لما لم يجز أن يكون الخمط نعتا للأكل ; لأن الخمط اسم شجر بعينه ، ولا بدلا لأنه ليس الأول ولا بعضه ، وكان الجنى والثمر من الشجر ، أضيف على تقدير " من " كقولك : هذا ثوب خز " . ومن نون جعل خمطا وما بعده : إما صفة لأكل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " أو وصف الأكل بالخمط ، كأنه قيل : ذواتي أكل بشع " . قال الشيخ : " والوصف بالأسماء لا يطرد ، وإن كان قد جاء منه شيء نحو قولهم : مررت بقاع عرفج كله " . الثاني : البدل من " أكل " قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : " وجعل خمطا أكلا لمجاورته إياه وكونه سببا له " . إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي رد كونه بدلا . قال : " لأن الخمط ليس
[ ص: 174 ] بالأكل نفسه " . وقد تقدم جواب
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبي البقاء . وأجاب بعضهم عنه - وهو منتزع من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري - أنه على حذف مضاف تقديره : ذواتي أكل أكل خمط . قال : والمحذوف هو الأول في الحقيقة . قلت : وهو حسن في المعنى . الثالث : أنه عطف بيان ، وجعله
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي أحسن ما في الباب . قال : " كأنه بين أن الأكل هذه الشجرة " إلا أن عطف البيان لا يجيزه البصريون في النكرات إنما يخصونه بالمعارف .
قوله : "
قليل " نعت لـ " سدر " . وقيل : نعت لـ " أكل " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : " ويجوز أن يكون نعتا لـ " خمط وأثل وسدر " . وقرئ " وأثلا وشيئا " بنصبهما عطفا على جنتين . والأثل : شجر الطرفاء ، أو ما يشبهها . والسدر سدران : سدر له ثمرة عفصة لا تؤكل ولا ينتفع بورقه في الاغتسال وهو الضال ، وسدر له ثمر يؤكل وهو النبق ، ويغتسل بورقه . ومراد الآية : الأول .