صفحة جزء
آ . (24) قوله : أو إياكم : عطف على اسم إن . وفي الخبر أوجه ، أحدها : أن الملفوظ به الأول وحذف خبر الثاني للدلالة عليه . أي : وإنا لعلى هدى أو في ضلال ، أو إنكم لعلى هدى أو في ضلال . والثاني : العكس أي : حذف الأول ، والملفوظ به خبر الثاني . وهو خلاف مشهور تقدم تحقيقه عند قوله : والله ورسوله أحق أن يرضوه . وهذان الوجهان لا ينبغي أن يحملا على ظاهرهما قطعا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشك أنه على هدى ويقين ، وأن الكفار على ضلال ، وإنما هذا الكلام جار على ما يتخاطب به العرب من استعمال الإنصاف في محاوراتهم على سبيل الفرض والتقدير ويسميه أهل البيان الاستدراج وهو : أن يذكر لمخاطبه أمرا يسلمه ، وإن كان بخلاف ما يذكر حتى يصغي إلى ما يلقيه إليه ، إذ لو بدأه بما يكره لم يصغ . ونظيره قولهم : أخزى الله الكاذب مني ومنك . ومثله قول الشاعر :


3739 - فأيي ما وأيك كان شرا فقيد إلى المقامة لا يراها



وقول حسان :


3740 - أتهجوه ولست له بكفء     فشركما لخيركما الفداء



مع العلم لكل أحد أنه صلى الله عليه وسلم خير خلق الله كلهم .

الثالث : أنه من باب اللف والنشر . والتقدير : وإنا لعلى هدى وإنكم لفي ضلال مبين . ولكن لف الكلامين وأخرجهما كذلك لعدم اللبس ، وهذا لا يتأتى [ ص: 184 ] إلا أن تكون " أو " بمعنى الواو وهي مسألة خلاف . ومن مجيء " أو " بمعنى الواو قوله :


3741 - قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم     ما بين ملجم مهره أو سافع



وتقدم تقرير هذا وهذا الذي ذكرته منقول عن أبي عبيدة . الرابع : قال الشيخ : " وأو هنا على موضوعها لكونها لأحد الشيئين وخبر " إنا أو إياكم " هو لعلى هدى أو في ضلال مبين ولا يحتاج إلى تقدير حذف ; إذ المعنى : أن أحدنا لفي أحد هذين كقولك : زيد أو عمرو في القصر أو في المسجد لا يحتاج إلى تقدير حذف إذ معناه : أحد هذين في أحد هذين . وقيل : الخبر محذوف ، ثم ذكر ما قدمت إلى آخره . وهذا الذي ذكره هو تفسير معنى لا تفسير إعراب ، والناس نظروا إلى تفسير الإعراب فاحتاجوا إلى ما ذكرت .

التالي السابق


الخدمات العلمية