صفحة جزء
آ . (21) قوله تعالى : إن الذين يكفرون : لما ضمن هذا الموصول معنى الشرط دخلت الفاء في خبره ، وهو قوله : فبشرهم ، وهذا هو الصحيح ، أعني أنه إذا نسخ المبتدأ بـ "إن " فجواز دخول الفاء باق ، لأن المعنى لم يتغير ، بل ازداد تأكيدا ، وخالف الأخفش فمنع دخولها مع نسخه بـ "إن " ، والسماع حجة عليه كهذه الآية ، وكقوله : إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات الآية ، وكذلك إذا نسخ بـ "لكن " كقوله :


1210 - فوالله ما فارقتكم عن ملالة ولكن ما يقضى فسوف يكون



وكذلك إذا نسخ بـ "أن " المفتوحة كقوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم [ ص: 94 ] من شيء فأن لله [خمسه ] ، أما إذا نسخ بليت ولعل وكان امتنعت الفاء عند الجميع لتغير المعنى .

قوله : ويقتلون قرأ حمزة "ويقاتلون " من المقاتلة ، والباقون : "ويقتلون " كالأول ، فأما قراءة حمزة فإنه غاير فيها بين الفعلين وهي موافقة لقراءة عبد الله : "وقاتلوا " من المقاتلة ، إلا أنه أتى بصيغة الماضي ، وحمزة يحتمل أن يكون المضارع في قراءته لحكاية الحال ومعناه المضي . وأما الباقون فقيل في قراءتهم : إنما كرر الفعل لاختلاف متعلقه ، أو كرر تأكيدا ، وقيل : المراد بأحد القتلين تفويت الروح وبالآخر الإهانة ، فلذلك ذكر كل واحد على حدته ، ولولا ذلك لكان التركيب "ويقتلون النبيين والذين يأمرون " .

وقرأ الحسن : "ويقتلون " بالتشديد ومعناه التكثير ، وجاء هنا "بغير حق " منكرا ، وفي البقرة بغير الحق معرفا قيل : لأن الجملة هنا أخرجت مخرج الشرط ، وهو عام لا يتخصص فلذلك ناسب أن تنكر في سياق النفي ليعم ، وأما في البقرة فجاءت الآية في ناس معهودين مشخصين بأعيانهم ، وكان الحق الذي يقتل به الإنسان معروفا عندهم فلم يقصد هذا العموم الذي هنا ، فجيء في كل مكان بما يناسبه . قوله : "من الناس " : إما بيان وإما للتبعيض ، وكلاهما معلوم أنهم من الناس ، فهو جار مجرى التأكيد .

آ . (22) وقرأ ابن عباس وأبو عبد الرحمن بفتح الباء : "حبطت " وهي لغة معروفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية