صفحة جزء
آ . (33) قوله : بل مكر الليل : يجوز رفعه من ثلاثة أوجه ، أحدها : الفاعلية تقديره : بل صدنا مكركم في هذين الوقتين . الثاني : [ ص: 191 ] أن يكون مبتدأ خبره محذوف ، أي : مكر الليل صدنا . الثالث : العكس أي : سبب كفرنا مكركم . وإضافة المكر إلى الليل والنهار : إما على الإسناد المجازي كقولهم : ليل ماكر ، فيكون مصدرا مضافا لمرفوعه ، وإما على الاتساع في الظرف فجعل كالمفعول به ، فيكون مضافا لمنصوبه . وهذان أحسن من قول من قال : إن الإضافة بمعنى " في " أي : في الليل ; لأن ذلك لم يثبت في غير محل النزاع .

وقرأ العامة " مكر " خفيف الراء ساكن الكاف مضافا لما بعده . وابن يعمر وقتادة بتنوين " مكر " وانتصاب الليل والنهار ظرفين . وقرأ أيضا وسعيد بن جبير وأبو رزين بفتح الكاف وتشديد الراء مضافا لما بعده . أي : كرور الليل والنهار واختلافهما ، من كر يكر ، إذا جاء وذهب . وقرأ ابن جبير أيضا وطلحة وراشد القارئ - وهو الذي كان يصحح المصاحف أيام الحجاج بأمره - كذلك إلا أنه بنصب الراء . وفيها أوجه ، أظهرها : ما قاله الزمخشري ، وهو الانتصاب على المصدر قال : " بل تكرون الإغواء مكرا دائما لا تفترون عنه " . الثاني : النصب على الظرف بإضمار فعل أي : بل صددتمونا مكر الليل والنهار أي : دائما . الثالث : أنه منصوب بتأمروننا ، قاله أبو الفضل الرازي ، وهو غلط ; لأن ما بعد المضاف لا يعمل فيما قبله إلا في مسألة واحدة : وهي " غير " إذا كانت بمعنى " لا " كقوله : [ ص: 192 ]

3748 - إن امرأ خصني عمدا مودته على التنائي لعندي غير مكفور



وتقرير هذا تقدم أواخر الفاتحة .

وجاء قوله : قال الذين استكبروا بغير عاطف ; لأنه جواب لقول الضعفة ، فاستؤنف ، بخلاف قوله : وقال الذين استضعفوا فإنه لما لم يكن جوابا عطف . والضمير في " وأسروا الندامة " للجميع : للأتباع والمتبوعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية