صفحة جزء
آ . (24) قوله تعالى : ذلك بأنهم : يجوز في "ذلك " وجهان ، أصحهما : أنه مبتدأ والجار بعده خبره ، أي : ذلك التولي بسبب هذه الأقوال الباطلة التي لا حقيقة لها . والثاني : أن "ذلك " خبر مبتدأ محذوف أي : الأمر ذلك ، وهو قول الزجاج . وعلى هذا فقوله : "بأنهم " متعلق بذلك المقدر ، وهو الأمر ونحوه . وقال أبو البقاء : "فعلى هذا يكون قوله : " بأنهم "في موضع نصب على الحال مما في " ذا "من معنى الإشارة أي : ذلك الأمر مستحقا بقولهم " ، ثم قال : "وهذا ضعيف " . قلت : بل لا يجوز البتة .

[ ص: 96 ] وجاء هنا "معدودات " بصيغة الجمع ، وفي البقرة : معدودة تفننا في البلاغة ، وذلك أن جمع التكسير غير العاقل يجوز أن يعامل معاملة الواحدة المؤنثة تارة ومعاملة جمع الإناث أخرى ، فيقال : "هذه جبال راسية " وإن شئت : "راسيات " ، و "جمال ماشية " وإن شئت : "ماشيات " . وخص الجمع بهذا الموضع لأنه مكان تشنيع عليهم بما فعلوا وقالوا ، فأتى بلفظ الجمع مبالغة في زجرهم وزجر من يعمل بعملهم .

قوله : وغرهم في دينهم الغرور : الخداع ، يقال منه : غره يغره غرورا فهو غار ومغرور ، والغرور بالفتح - مثال مبالغة ، كالضروب ، والغر : الصغير ، والغريرة : الصغيرة لأنهما ينخدعان والغرة مأخوذة من هذا . يقال : "أخذه على غرة " أي : تغفل وخداع ، والغرة : بياض في الوجه ، يقال منه : وجه أغر ورجل [أغر ] وامرأة "غراء " ، والجمع القياسي : غر ، وغير القياسي : غران . قال :


1211 - ثياب بني عوف طهارى نقية وأوجههم عند المشاهد غران



والغرة من كل شيء : أنفسه ، وفي الحديث : "وجعل في الجنين غرة عبدا أو أمة " وقيل : "الغرة " الخيار . وقال أبو عمرو بن العلاء في تفسير هذا الحديث : "إنه لا يكون إلا الأبيض من الرقيق " كأنه أخذه من الغرة وهي البياض في الوجه .

قوله : ما كانوا يفترون "ما " يجوز أن تكون مصدرية أو بمعنى الذي ، والعائد محذوف أي : الذي كانوا يفترونه .

التالي السابق


الخدمات العلمية