صفحة جزء
آ . (35) قوله : دار المقامة : مفعول ثان لـ " أحلنا " ولا يكون ظرفا لأنه مختص فلو كان ظرفا لتعدى إليه الفعل بـ في . والمقامة : الإقامة . " من فضله " متعلق بـ " أحلنا " و " من " : إما للعلة ، وإما لابتداء الغاية .

قوله : " لا يمسنا " حال من مفعول " أحلنا " الأول أو الثاني ; لأن الجملة مشتملة على ضمير كل منهما ، وإن كان الحال من الأول أظهر . والنصب : التعب والمشقة . واللغوب : الفتور الناشئ عنه ، وعلى هذا فيقال : إذا انتفى السبب نفي المسبب يقال : " لم آكل " فيعلم انتفاء الشبع ، فلا حاجة إلى قوله ثانيا : " فلم أشبع " بخلاف العكس ، ألا ترى أنه يجوز : لم أشبع ولم آكل ، والآية الكريمة على ما قررت من نفي السبب ثم نفي المسبب فأي فائدة في ذلك ؟ وقد أجيب بأنه بين مخالفة الجنة لدار الدنيا ; فإن أماكنها على قسمين : موضع تمس فيه المشاق كالبراري ، وموضع يمس فيه الإعياء كالبيوت والمنازل التي فيها الأسفار . فقيل : لا يمسنا فيها نصب لأنها ليست مظان [ ص: 234 ] المتاعب كدار الدنيا ، ولا يمسنا فيها لغوب أي : ولا نخرج منها إلى مواضع نتعب ونرجع إليها فيمسنا فيها الإعياء . وهذا الجواب ليس بذلك ، والذي يقال : إن النصب هو تعب البدن واللغوب تعب النفس . وقيل : اللغوب الوجع وعلى هذين فلا يرد السؤال المتقدم .

وقرأ علي والسلمي بفتح لام " لغوب " وفيه أوجه ، أحدها : أنه مصدر على فعول كالقبول . والثاني : أنه اسم لما يلغب به كالفطور والسحور . قاله الفراء . الثالث : أنه صفة لمصدر مقدر أي : لا يمسنا لغوب لغوب نحو : شعر شاعر وموت مائت . وقيل : صفة لشيء غير مصدر أي : أمر لغوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية