صفحة جزء
آ . (37) قوله : ربنا : على إضمار القول ، وذلك القول إن شئت قدرته فعلا مفسرا لـ " يصطرخون " أي : يقولون في صراخهم : ربنا أخرجنا ، وإن شئت قدرته حالا من فاعل " يصطرخون " أي : قائلين ربنا . ويصطرخون : يفتعلون من الصراخ وهو شدة رفع الصوت فأبدلت التاء صادا لوقوعها قبل الطاء .

قوله : صالحا غير الذي كنا نعمل يجوز أن يكونا بمعنى مصدر محذوف [ ص: 236 ] أي : عملا صالحا غير الذي كنا نعمل ، وأن يكونا بمعنى مفعول به محذوف أي : نعمل شيئا صالحا غير الذي كنا نعمل ، وأن يكون " صالحا " نعتا لمصدر ، و غير الذي كنا نعمل هو المفعول به . وقال الزمخشري : " فإن قلت : فهلا اكتفي بـ " صالحا " كما اكتفي به في قوله : فارجعنا نعمل صالحا ، وما فائدة زيادة " غير الذي كنا نعمل " على أنه يوهم أنهم يعملون صالحا آخر غير الصالح الذي عملوه ؟ قلت : فائدته زيادة التحسر على ما عملوه من غير الصالح مع الاعتراف به . وأما الوهم فزائل بظهور حالهم في الكفر وظهور المعاصي ، ولأنهم كانوا يحسبون أنهم على سيرة صالحة ، كما قال تعالى : وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فقالوا : أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نحسبه صالحا فنعمله " .

قوله : " ما يتذكر " جوزوا في " ما " هذه ، وجهين ، أحدهما : - ولم يحك الشيخ غيره - أنها مصدرية ظرفية قال : أي مدة تذكر . وهذا غلط ; لأن الضمير في " فيه " يمنع من ذلك لعوده على " ما " ، ولم يقل باسمية " ما " المصدرية إلا الأخفش وابن السراج . الثاني : أنها نكرة موصوفة أي تعمرا يتذكر فيه ، أو زمانا يتذكر فيه . وقرأ الأعمش " ما يذكر " بالإدغام " من اذكر " . قال الشيخ : " بالإدغام واجتلاب همزة الوصل ملفوظا بها في الدرج " . وهذا [ ص: 237 ] غريب حيث أثبتت همزة الوصل مع الاستغناء عنها ، إلا أن يكون حافظ على سكون " من " وبيان ما بعدها .

قوله : " وجاءكم " عطف على " أولم نعمركم " لأنه في معنى : قد عمرناكم ، كقوله : ألم نربك ثم قال : ولبثت ، ألم نشرح لك ثم قال ووضعنا إذ هما في معنى : ربيناك ، وشرحنا .

قوله : " من نصير " يجوز أن يكون فاعلا بالجار لاعتماده ، وأن يكون مبتدأ مخبرا عنه بالجار قبله . وقرئ " النذر " جمعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية