صفحة جزء
آ . (30) قوله : يا حسرة : العامة على نصبها . وفيه وجهان ، أحدهما : أنها منصوبة على المصدر ، والمنادى محذوف تقديره : يا هؤلاء تحسروا حسرة . والثاني : أنها منونة لأنها منادى منكور فنصبت على أصلها كقوله :


3782 - أيا راكبا إما عرضت فبلغن نداماي من نجران أن لا تلاقيا



ومعنى النداء هنا على المجاز ، كأنه قيل : هذا أوانك فاحضري . وقرأ قتادة وأبي في أحد وجهيه " يا حسرة " بالضم ، جعلها مقبلا عليها ، وأبي أيضا وابن عباس وعلي بن الحسين " يا حسرة العباد " بالإضافة . فيجوز أن تكون الحسرة مصدرا مضافا لفاعله أي : يتحسرون على غيرهم لما يرون من عذابهم ، وأن يكون مضافا لمفعوله أي : يتحسر عليهم غيرهم . وقرأ أبو الزناد وابن هرمز وابن جندب " يا حسره " بالهاء المبدلة من تاء التأنيث وصلا ، وكأنهم أجروا الوصل مجرى الوقف وله نظائر مرت . وقال صاحب [ ص: 260 ] " اللوامح " : " وقفوا بالهاء مبالغة في التحسر ، لما في الهاء من التأهه بمعنى التأوه ، ثم وصلوا على تلك الحال " . وقرأ ابن عباس أيضا " يا حسرة " بفتح التاء من غير تنوين . ووجهها أن الأصل : يا حسرتا فاجتزئ بالفتحة عن الألف كما اجتزئ بالكسرة عن الياء . ومنه :


3783 - ولست براجع ما فات مني     بلهف ولا بليت ولا لو اني



أي : بلهفا بمعنى لهفي .

وقرئ " يا حسرتا " بالألف كالتي في الزمر ، وهي شاهدة لقراءة ابن عباس ، وتكون التاء لله تعالى ، وذلك على سبيل المجاز دلالة على فرط هذه الحسرة . وإلا فالله تعالى لا يوصف بذلك .

قوله : " ما يأتيهم " هذه الجملة لا محل لها ; لأنها مفسرة لسبب الحسرة عليهم .

قوله : " إلا كانوا " جملة حالية من مفعول " يأتيهم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية