صفحة جزء
آ . (35) قوله : من ثمره : قيل : الضمير عائد على النخيل ; لأنه أقرب مذكور ، وكان من حق الضمير أن يثنى على هذا لتقدم شيئين : وهما الأعناب والنخيل ، إلا أنه اكتفى بذكر أحدهما . وقيل : يعود على جنات ، وعاد بلفظ المفرد ذهابا بالضمير مذهب اسم الإشارة وهو كقول رؤبة :


3785 - فيها خطوط من سواد وبلق كأنه في الجلد توليع البهق



فقيل له . فقال : أردت : كأن ذاك ويلك . وقيل : عائد على الماء المدلول عليه بـ عيون . وقيل : بل عاد عليه لأنه مقدر أي : من العيون . ويجوز أن يعود على العيون . ويعتذر عن إفراده بما تقدم في عوده على جنات . ويجوز أن يعود على الأعناب والنخيل معا ، ويعتذر عنه بما تقدم أيضا . وقال الزمخشري : " وأصله : من ثمرنا ، لقوله : " وفجرنا " و " جعلنا " فنقل الكلام من التكلم إلى الغيبة على طريقة الالتفات ، والمعنى : ليأكلوا مما خلقه الله من الثمر " . قلت : فعلى هذا يكون الضمير عائدا على الله تعالى ، ولذلك فسر معناه [ ص: 268 ] بما ذكر . وقد تقدم قراءات في هذه اللفظة في سورة الأنعام وما قيل فيها بحمد الله تعالى .

قوله : وما عملته أيديهم في " ما " هذه أربعة أوجه ، أحدها : أنها موصولة أي : ومن الذي عملته أيديهم من الغرس والمعالجة . وفيه تجوز على هذا . والثاني : أنها نافية أي : لم يعملوه هم ، بل الفاعل له هو الله تعالى .

وقرأ الأخوان وأبو بكر بحذف الهاء والباقون " وما عملته " بإثباتها . فإن كانت " ما " موصولة فعلى قراءة الأخوين وأبي بكر حذف العائد كما حذف في قوله : أهذا الذي بعث الله رسولا بالإجماع . وعلى قراءة غيرهم جيء به على الأصل . وإن كانت نافية فعلى قراءة الأخوين وأبي بكر لا ضمير مقدر ، ولكن المفعول محذوف أي : ما عملت أيديهم شيئا من ذلك ، وعلى قراءة غيرهم الضمير يعود على " ثمره " وهي مرسومة بالهاء في غير مصاحف الكوفة ، وبحذفها فيما عداها . والأخوان وأبو بكر وافقوا مصاحفهم ، والباقون - غير حفص - وافقوها أيضا ، وجعفر خالف مصحفه ، وهذا يدل على أن القراءة متلقاة من أفواه الرجال ، فيكون عاصم قد أقرأها لأبي بكر بالهاء ولحفص بدونها .

الثالث : أنها نكرة موصوفة ، والكلام فيها كالذي في الموصولة . والرابع : [ ص: 269 ] أنها مصدرية أي : ومن عمل أيديهم . والمصدر واقع موقع المفعول به ، فيعود المعنى إلى معنى الموصولة أو الموصوفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية