صفحة جزء
[ ص: 288 ] [ ص: 289 ] سورة الصافات

بسم الله الرحمن الرحيم

آ . (1) قوله : والصافات صفا : قرأ أبو عمرو وحمزة بإدغام التاء من الصافات ، والزاجرات والتاليات ، في صاد " صفا " وزاي " زجرا " وذال " ذكرا " ، وكذلك فعلا في والذاريات ذروا وفي فالملقيات ذكرا وفي " العاديات ضبحا " بخلاف عن خلاد في الأخيرين . وأبو عمرو جار على أصله في إدغام المتقاربين كما هو المعروف من أصله . وحمزة خارج عن أصله ، والفرق بين مذهبيهما أن أبا عمرو يجيز الروم ، وحمزة لا يجيزه . وهذا كما اتفقا في إدغام بيت طائفة في سورة النساء ، وإن كان ليس من أصل حمزة إدغام مثله . وقرأ الباقون بإظهار جميع ذلك .

ومفعول " الصافات " و " الزاجرات " غير مراد ; إذ المعنى : الفاعلات لذلك . وأعرب أبو البقاء " صفا " مفعولا به على أنه قد يقع على المصفوف .

[ ص: 290 ] قلت : وهذا ضعيف . وقيل : هو مراد . والمعنى : والصافات أنفسها وهم الملائكة أو المجاهدون أو المصلون ، أو الصافات أجنحتها وهي الطير ، كقوله : والطير صافات ، والزاجرات السحاب أو العصاة إن أريد بهم العلماء . والزجر : الدفع بقوة وهو قوة التصويت . وأنشد :


3789 - زجر أبي عروة السباع إذا أشفق أن يختلطن بالغنم



وزجرت الإبل والغنم : إذا فزعت من صوتك . وأما " والتاليات " فيجوز أن يكون " ذكرا " مفعوله . والمراد بالذكر : القرآن وغيره من تسبيح وتحميد . ويجوز أن يكون " ذكرا " مصدرا أيضا من معنى التاليات . وهذا أوفق لما قبله . قال الزمخشري : " الفاء في فالزاجرات فالتاليات : إما أن تدل على ترتب معانيها في الوجود كقوله :


3790 - يا لهف زيابة للحارث الصا     بح فالغانم فالآيب



كأنه قال : الذي صبح فغنم فآب ، وإما على ترتبهما في التفاوت من بعض الوجوه ، كقوله : خذ الأفضل فالأكمل ، واعمل الأحسن فالأجمل ، وإما على ترتب موصوفاتها في ذلك كقولك : " رحم الله المحلقين فالمقصرين " فأما هنا فإن وحدت الموصوف كانت للدلالة على ترتب الصفات في التفاضل . فإذا كان الموحد الملائكة فيكون الفضل للصف ثم للزجر ثم للتلاوة ، وإما على [ ص: 291 ] العكس . وإن ثلثت الموصوف فترتب في الفضل ، فتكون الصافات ذوات فضل ، والزاجرات أفضل ، والتاليات أبهر فضلا ، أو على العكس " يعني بالعكس في الموضعين أنك ترتقي من أفضل إلى فاضل إلى مفضول ، أو يبدأ بالأدنى ثم بالفاضل ثم بالأفضل .

والواو في هذه للقسم ، والجواب قوله : إن إلهكم لواحد . وقد عرفت الكلام في الواو الثانية والثالثة : هل هي للقسم أو للعطف ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية