صفحة جزء
آ . (8) قوله : لا يسمعون : قرأ الأخوان وحفص بتشديد [ ص: 293 ] السين والميم . والأصل : يتسمعون فأدغم . والباقون بالتخفيف فيهما . واختار أبو عبيد الأولى وقال : " لو كان مخففا لم يتعد بـ " إلى " . وأجيب عنه : بأن معنى الكلام : لا يصغون إلى الملأ . وقال مكي : " لأنه جرى مجرى مطاوعه وهو يتسمعون ، فكما كان تسمع يتعدى بـ " إلى " تعدى سمع بـ " إلى " وفعلت وافتعلت في التعدي سواء ، فتسمع مطاوع سمع ، واستمع أيضا مطاوع سمع فتعدى سمع تعدي مطاوعه " .

وهذه الجملة منقطعة عما قبلها ، ولا يجوز فيها أن تكون صفة لشيطان على المعنى ; إذ يصير التقدير : من كل شيطان مارد غير سامع أو مستمع . وهو فاسد . ولا يجوز أيضا أن تكون جوابا لسؤال سائل : لم تحفظ من الشياطين ؟ إذ يفسد معنى ذلك . وقال بعضهم : أصل الكلام : لئلا يسمعوا ، فحذفت اللام ، وأن ، فارتفع الفعل . وفيه تعسف . وقد وهم أبو البقاء فجوز أن تكون صفة ، وأن تكون حالا ، وأن تكون مستأنفة ، فالأولان ظاهرا الفساد ، والثالث إن عنى به الاستئناف البياني فهو فاسد أيضا ، وإن أراد الانقطاع على ما قدمته فهو صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية