صفحة جزء
آ . (10) قوله : إلا من خطف : فيه وجهان ، أحدهما : أنه مرفوع المحل بدلا من ضمير " لا يسمعون " وهو أحسن ; لأنه غير موجب . والثاني : أنه منصوب على أصل الاستثناء . والمعنى : أن الشياطين لا يسمعون الملائكة إلا من خطف . قلت : ويجوز أن تكون " من " شرطية ، وجوابها " فأتبعه " ، أو موصولة وخبرها " فأتبعه " وهو استثناء منقطع . وقد نصوا على أن مثل هذه الجملة تكون استثناء منقطعا كقوله : لست عليهم بمصيطر إلا من تولى . والخطفة مصدر معرف بأل الجنسية أو العهدية .

وقرأ العامة " خطف " بفتح الخاء وكسر الطاء مخففة . وقتادة والحسن بكسرهما وتشديد الطاء ، وهي لغة تميم بن مر وبكر بن وائل . وعنهما أيضا وعن عيسى بفتح الخاء وكسر الطاء مشددة . وعن الحسن أيضا خطف كالعامة . وأصل القراءتين : اختطف ، فلما أريد الإدغام سكنت التاء وقبلها الخاء ساكنة ، [ ص: 295 ] فكسرت الخاء لالتقاء الساكنين ، ثم كسرت الطاء إتباعا لحركة الخاء . وهذه واضحة . وأما الثانية فمشكلة جدا ; لأن كسر الطاء إنما كان لكسر الخاء وهو مفقود . وقد وجه على التوهم . وذلك أنهم لما أرادوا الإدغام نقلوا حركة التاء إلى الخاء ففتحت وهم يتوهمون أنها مكسورة لالتقاء الساكنين كما تقدم تقريره ، فأتبعوا الطاء لحركة الخاء المتوهمة . وإذا كانوا قد فعلوا ذلك في مقتضيات الإعراب فلأن يفعلوه في غيره أولى . وبالجملة فهو تعليل شذوذ .

وقرأ ابن عباس " خطف " بكسر الخاء والطاء خفيفة ، وهو إتباع كقولهم : نعم بكسر النون والعين . وقرئ " فاتبعه " بالتشديد .

التالي السابق


الخدمات العلمية