صفحة جزء
آ . (17) قوله : أوآباؤنا : قرأ ابن عامر وقالون بسكون الواو على أنها " أو " العاطفة المقتضية للشك . والباقون بفتحها على أنها همزة استفهام دخلت على واو العطف . وهذا الخلاف جار أيضا في الواقعة . وقد تقدم مثل هذا في الأعراف في قوله : أوأمن أهل القرى فمن فتح الواو جاز " في آباؤنا " وجهان ، أحدهما : أن يكون معطوفا على محل " إن " واسمها . والثاني : أن يكون معطوفا على الضمير المستتر في " لمبعوثون " واستغنى بالفصل بهمزة الاستفهام . ومن سكنها تعين فيه الأول دون الثاني على قول الجمهور لعدم الفاصل .

[ ص: 297 ] وقد أوضح هذا الزمخشري حيث قال : " آباؤنا " معطوف على محل " إن " واسمها ، أو على الضمير في " مبعوثون " . والذي جوز العطف عليه الفصل بهمزة الاستفهام " . قال الشيخ : أما قوله : " معطوف على محل إن واسمها " فمذهب سيبويه خلافه ; فإن قولك " إن زيدا قائم وعمرو " " عمرو " فيه مرفوع بالابتداء وخبره محذوف . وأما قوله : " أو على الضمير في " مبعوثون " إلى آخره فلا يجوز أيضا لأن همزة الاستفهام لا تدخل إلا على الجمل لا على المفرد ; لأنه إذا عطف على المفرد كان الفعل عاملا في المفرد بوساطة حرف العطف ، وهمزة الاستفهام لا يعمل ما قبلها فيما بعدها . فقوله : " أو آباؤنا " مبتدأ محذوف الخبر ، تقديره : أو آباؤنا مبعوثون ، يدل عليه ما قبله . فإذا قلت : " أقام زيد أو عمرو " فعمرو مبتدأ محذوف الخبر لما ذكرنا " .

قلت : أما الرد الأول فلا يلزم ; لأنه لا يلتزم مذهب سيبويه . وأما الثاني فإن الهمزة مؤكدة للأولى فهي داخلة في الحقيقة على الجملة ، إلا أنه فصل بين الهمزتين بـ " إن " واسمها وخبرها . يدل على هذا ما قاله هو في سورة الواقعة ، فإنه قال : " دخلت همزة الاستفهام على حرف العطف . فإن قلت : كيف حسن العطف على المضمر " لمبعوثون " من غير تأكيد بـ " نحن " ؟ قلت : حسن للفاصل الذي هو الهمزة كما حسن في قوله : ما أشركنا ولا آباؤنا لفصل المؤكدة للنفي " . انتهى . فلم يذكر هنا غير هذا الوجه ، [ ص: 298 ] وتشبيهه بقوله : لفصل المؤكدة للنفي ، لأن " لا " مؤكدة للنفي المتقدم بـ " ما " . إلا أن هذا مشكل : بأن الحرف إذا كرر للتوكيد لم يعد في الأمر العام إلا بإعادة ما اتصل به أولا أو بضميره . وقد مضى القول فيه . وتحصل في رفع " آباؤنا " ثلاثة أوجه : العطف على محل " إن " واسمها ، العطف على الضمير المستكن في " لمبعوثون " ، الرفع على الابتداء ، والخبر مضمر . والعامل في " إذا " محذوف أي : أنبعث إذا متنا . هذا إذا جعلتها ظرفا غير متضمن لمعنى الشرط . فإن جعلتها شرطية كان جوابها عاملا فيها أي : أإذا متنا بعثنا أو حشرنا .

وقرئ " إذا " دون استفهام . وقد مضى القول فيه في الرعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية