صفحة جزء
آ . (21) قوله : نبأ الخصم : قد تقدم أن الخصم في الأصل مصدر فلذلك يصلح للمفرد والمذكر وضديهما ، وقد يطابق . ومنه : لا تخف خصمان و هذان خصمان . والمراد بالخصم هنا جمع بدليل قوله : " إذ تسوروا " وقوله : " إذ دخلوا " . قال الزمخشري : " وهو يقع للواحد والجمع كالضيف . قال تعالى : حديث ضيف إبراهيم المكرمين لأنه مصدر في أصله يقال : خصمه يخصمه خصما كما تقول : ضافه ضيفا . فإن قلت : هذا جمع وقوله : " خصمان " تثنية فكيف استقام ذلك ؟ قلت : معنى خصمان : فريقان خصمان ، والدليل عليه قراءة من قرأ " [خصمان ] بغى بعضهم على بعض " ونحوه قوله تعالى : هذان خصمان اختصموا . فإن قلت : فما تصنع بقوله : إن هذا أخي وهو دليل على الاثنين ؟ قلت : هذا قول البعض المراد به : بعضنا على بعض . فإن قلت : فقد جاء في الرواية : أنه [ ص: 367 ] بعث إليه ملكان . قلت : معناه أن التحاكم بين ملكين ، ولا يمنع ذلك أن يصحبهما آخرون . فإن قلت : كيف سماهم جميعا خصما في قوله : " نبأ الخصم " و " خصمان " ؟ قلت : لما كان صحب كل واحد من المتحاكمين في صورة الخصم صحت التسمية به " .

قوله : " إذ تسوروا " في العامل في " إذ " أوجه ، أحدها : أنه معمول للنبأ إذا لم يرد به القصة . وإليه ذهب ابن عطية وأبو البقاء ومكي . أي : هل أتاك الخبر الواقع في وقت تسورهم المحراب ؟ وقد رد بعضهم هذا : بأن النبأ الواقع في ذلك الوقت لا يصح إتيانه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن أريد بالنبأ القصة لم يكن ناصبا . قاله الشيخ . الثاني : أن العامل فيه " أتاك " ورد بما رد به الأول . وقد صرح الزمخشري بالرد على هذين الوجهين ، فقال : " فإن قلت بم انتصب " إذ " ؟ قلت : لا يخلو إما أن ينتصب بـ " أتاك " أو بالنبأ أو بمحذوف . فلا يسوغ انتصابه بـ " أتاك " لأن إتيان النبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقع إلا في عهده لا في عهد دواد ، ولا بالنبأ ; لأن النبأ واقع في عهد داود فلا يصح إتيانه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإن أردت بالنبأ القصة في نفسها لم يكن ناصبا ، فبقي أن يكون منصوبا بمحذوف ، وتقديره : وهل أتاك نبأ تحاكم الخصم إذ ، فاختار أن يكون معمولا لمحذوف . الرابع : أن ينتصب بالخصم لما فيه من معنى الفعل . [ ص: 368 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية