آ . (28) قوله :
من آل فرعون : يحتمل أن يكون متعلقا بـ "
يكتم " بعده أي : يكتمه من آل فرعون . والثاني : - وهو الظاهر - أنه متعلق بمحذوف صفة لرجل . وجاء هنا على أحسن ترتيب : حيث قدم المفرد ثم
[ ص: 472 ] ما يقرب منه وهو حرف الجر ، ثم الجملة . وقد تقدم إيضاح هذه المسألة في المائدة وغيرها . ويترتب على الوجهين : هل كان هذا الرجل من قرابة
فرعون ؟ فعلى الأول لا دليل فيه ، وعلى الثاني فيه دليل . وقد رد بعضهم الأول : بأنه لا يقال : كتمت من فلان كذا ، إنما يقال : كتمت فلانا كذا ، فيتعدى لاثنين بنفسه . قال تعالى :
ولا يكتمون الله حديثا . وقال الشاعر :
3925 - كتمتك هما بالجمومين ساهرا وهمين هما مستكنا وظاهرا أحاديث نفس تشتكي ما بربها
وورد هموم لن يجدن مصادرا
أي : كتمتك أحاديث نفس وهمين ، فقدم المعطوف على المعطوف عليه ، ومحله الشعر .
قوله :
أن يقول ربي أي : كراهة أن يقول أو لأن يقول . والعامة على ضم عين " رجل " وهي الفصحى .
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وعبد الوارث على تسكينها ، وهي لغة
تميم ونجد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " ولك أن تقدر مضافا محذوفا أي : وقت أن يقول . والمعنى : أتقتلونه ساعة سمعتم منه هذا القول من غير روية ولا فكر " . وهذا الذي أجازه رده الشيخ : بأن تقدير هذا الوقت لا يجوز إلا مع
[ ص: 473 ] المصدر المصرح به تقول : جئتك صياح الديك أي : وقت صياحه ، ولو قلت : أجيئك أن صاح الديك ، أو أن يصيح ، لم يصح . نص عليه النحويون .
قوله : "
وقد جاءكم " جملة حالية يجوز أن تكون من المفعول . فإن قيل : هو نكرة . فالجواب : أنه في حيز الاستفهام وكل ما سوغ الابتداء بالنكرة سوغ انتصاب الحال عنها . ويجوز أن يكون حالا من الفاعل .
قوله :
بعض الذي يعدكم " بعض " على بابها ، وإنما قال ذلك ليهضم
موسى عليه السلام بعض حقه في ظاهر الكلام ، فيريهم أنه ليس بكلام من أعطاه حقه وافيا فضلا أن يتعصب له ، قاله الزمخشري . وهذا أحسن من قول غيره : إنها بمعنى كل ، وأنشدوا قول
لبيد :
3926 - تراك أمكنة إذا لم يرضها أو يرتبط بعض النفوس حمامها
وأنشدوا قول
عمرو بن شييم :
3927 - قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
وقول الآخر :
3928 - إن الأمور إذا الأحداث دبرها دون الشيوخ ترى في بعضها خللا
[ ص: 474 ] ولا أدري كيف فهموا الكل من البيتين الأخيرين ؟ وأما الأول ففيه بعض دليل ; لأن الموت يأتي على الكل . ولما حكى هذا الزمخشري عن أبي عبيدة ، وأنشد عنه بيت
لبيد قال : " إن صحت الرواية عنه فقد حق فيه قول
المازني في مسألة العلقى : "
كان أجفى من أن يفقه ما أقول له
" .
قلت : ومسألة
المازني معه أن
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبا عبيدة قال
للمازني : " ما أكذب النحويين ! ! يقولون : هاء التأنيث لا تدخل على ألف التأنيث وأن الألف في " علقى " ملحقة . قال : فقلت له : وما أنكرت من ذلك ؟ فقال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة ينشد :
3929 - ينحط في علقى وفي مكور
فلم ينونها . فقلت : ما واحد علقى ؟ قال : علقاة . قال
المازني : فامتنعت ولم أفسر له لأنه كان أغلظ من أن يفهم مثل هذا " قلت : وإنما استغلظه
المازني ; لأن الألف التي للإلحاق تدخل عليها تاء التأنيث دالة على الوحدة فيقال : أرطى وأرطاة ، وإنما الممتنع دخولها على ألف التأنيث نحو : دعوى وصرعى . وأما عدم تنوين " علقى " فلأنه سمى بها شيئا بعينه
[ ص: 475 ] [وألف الإلحاق المقصورة حال العلمية تجري مجرى تاء التأنيث فيمتنع الاسم الذي هي فيه ، كما تمتنع فاطمة . وتنصرف قائمة ] .