صفحة جزء
آ . (10) قوله : وجعل : مستأنف . ولا يجوز عطفه على صلة الموصول للفصل بينهما بأجنبي ، وهو قوله : " وتجعلون " فإنه معطوف على " لتكفرون " كما تقدم .

قوله : في أربعة أيام تقديره : في تمام أربعة أيام باليومين المتقدمين .

[ ص: 509 ] وقال الزجاج : " في تتمة أربعة أيام " يريد بالتتمة اليومين . وقال الزمخشري : " في أربعة أيام فذلكة لمدة خلق الله الأرض وما فيها ، كأنه قال : كل ذلك في أربعة أيام كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان " . قلت : وهذا كقولك : بنيت بيتي في يوم ، وأكملته في يومين . أي : بالأول . وقال أبو البقاء : " أي : في تمام أربعة أيام ، ولولا هذا التقدير لكانت الأيام ثمانية ، يومان في الأول ، وهو قوله : خلق الأرض في يومين ، ويومان في الآخر ، وهو قوله : فقضاهن سبع سماوات في يومين [وأربعة في الوسط ، وهو قوله في أربعة أيام ] .

قوله : " سواء " العامة على النصب ، وفيه أوجه ، أحدها : أنه منصوب على المصدر بفعل مقدر أي : استوت استواء ، قاله مكي وأبو البقاء . والثاني : أنه حال من " ها " في " أقواتها " أو من " ها " في " فيها " العائدة على الأرض أو من الأرض ، قاله أبو البقاء .

وفيه نظر ; لأن المعنى : إنما هو وصف الأيام بأنها سواء ، لا وصف الأرض بذلك ، وعلى هذا جاء التفسير . ويدل على ذلك قراءة " سواء " بالجر صفة للمضاف أو المضاف إليه . وقال السدي وقتادة : سواء معناه : سواء لمن [ ص: 510 ] سأل عن الأمر واستفهم عن حقيقة وقوعه ، وأراد العبرة فيه ، فإنه يجده كما قال تعالى ، إلا أن ابن زيد وجماعة قالوا شيئا يقرب من المعنى الذي ذكره أبو البقاء ، فإنهم قالوا : معناه مستو مهيأ أمر هذه المخلوقات ونفعها للمحتاجين إليها من البشر ، فعبر بالسائلين عن الطالبين .

وقرأ زيد بن علي والحسن وابن أبي إسحاق وعيسى ويعقوب وعمرو بن عبيد " سواء " بالخفض على ما تقدم ، وأبو جعفر بالرفع ، وفيه وجهان ، أحدهما : أنه على خبر ابتداء مضمر أي : هي سواء لا تزيد ولا تنقص . وقال مكي : " هو مرفوع بالابتداء " ، وخبره " للسائلين " . وفيه نظر : من حيث الابتداء بنكرة من غير مسوغ ، ثم قال : " بمعنى مستويات ، لمن سأل فقال : في كم خلقت ؟ وقيل : للسائلين لجميع الخلق لأنهم يسألون الرزق وغيره من عند الله تعالى " .

قوله : " للسائلين " فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه متعلق بـ " سواء " بمعنى : مستويات للسائلين . الثاني : أنه متعلق بـ " قدر " أي : قدر فيها أقواتها لأجل الطالبين لها المحتاجين المقتاتين . الثالث : أن يتعلق بمحذوف كأنه قيل : هذا الحصر لأجل من سأل : في كم خلقت الأرض وما فيها ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية