صفحة جزء
آ . (44) قوله : أأعجمي : قرأ الأخوان وأبو بكر بتحقيق الهمزة ، وهشام بإسقاط الأولى . والباقون بتسهيل الثانية بين بين . وأما المد فقد عرف حكمه من قوله : " أأنذرتهم " في أول هذا الموضوع . فمن استفهم [ ص: 531 ] قال : معناه أكتاب أعجمي ورسول عربي . وقيل : ومرسل إليه عربي . وقيل : معناه أبعضه أعجمي وبعضه عربي . ومن لم يثبت همزة استفهام فيحتمل أنه حذفها لفظا وأرادها معنى . وفيه توافق القراءتين . إلا أن ذلك لا يجوز عند الجمهور ، إلا إن كان في الكلام " أم " نحو :


3960 - ... ... ... ... بسبع رمين الجمر أم بثمان



فإن لم تكن " أم " لم يجز إلا عند الأخفش . وتقدم ما فيه ، ويحتمل أن يكون جعله خبرا محضا ويكون معناه : هلا فصلت آياته فكان بعضها أعجميا تفهمه العجم ، وبعضها عربيا يفهمه العرب .

والأعجمي من لا يفصح ، وإن كان من العرب ، وهو منسوب إلى صفته كأحمري ودواري ، فالياء فيه للمبالغة في الوصف وليس النسب منه حقيقيا . وقال الرازي في لوامحه : " فهو كياء كرسي وبختي " . وفرق الشيخ بينهما فقال : " وليست كياء كرسي فإن كرسيا وبختيا بنيت الكلمة عليها بخلاف ياء " أعجمي " فإنهم يقولون : رجل أعجم وأعجمي " .

وقرأ عمرو بن ميمون " أعجمي " بفتح العين وهو منسوب إلى العجم ، [ ص: 532 ] والياء فيه للنسب حقيقة يقال : رجل أعجمي وإن كان فصيحا . وقد تقدم الكلام في الفرق بينهما في سورة الشعراء .

وفي رفع " أعجمي " ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره ، أعجمي وعربي يستويان . والثاني : أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هو ، أي : القرآن أعجمي والمرسل به عربي . والثالث : أنه فاعل فعل مضمر أي : أيستوي أعجمي وعربي . وهذا ضعيف ; إذ لا يحذف الفعل إلا في مواضع بينتها غير مرة .

قوله : والذين لا يؤمنون فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكون مبتدأ ، و " في آذانهم " خبره و " وقر " فاعل ، أو " في آذانهم " خبر مقدم " ووقر " مبتدأ مؤخر ، والجملة خبر الأول . الثاني : أن وقرا خبر مبتدأ مضمر . والجملة خبر الأول والتقدير : والذين لا يؤمنون هو وقر في آذانهم لما أخبر عنه بأنه هدى لأولئك ، أخبر عنه أنه وقر في آذان هؤلاء وعمى عليهم . قال معناه الزمخشري . ولا حاجة إلى الإضمار مع تمام الكلام بدونه . الثالث : أن يكون " الذين لا يؤمنون " عطفا على " الذين آمنوا " ، و " وقر " عطف على " هدى " وهذا من باب العطف على معمولي عاملين . وفيه مذاهب تقدم تحريرها .

قوله : " عمى " العامة على فتح الميم المنونة وهو مصدر لـ عمي يعمى نحو : صدي يصدى صدى ، وهوي يهوى هوى .

وقرأ ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وجماعة " عم " بكسرها منونة اسما منقوصا وصف بذلك [ ص: 533 ] مجازا . وقرأ عمرو بن دينار ورويت عن ابن عباس " عمي " بكسر الميم وفتح الياء فعلا ماضيا . وفي الضمير وجهان أظهرهما : أنه للقرآن . والثاني : أنه للوقر والمعنى يأباه ، و " في آذانهم " - إن لم تجعله خبرا - متعلق بمحذوف على أنه حال منه ; لأنه صفة في الأصل ولا يتعلق به ، لأنه مصدر ، فلا يتقدم معموله عليه وقوله : وهو عليهم عمى كذلك في قراءة العامة ، وأما في القراءتين المتقدمتين فتتعلق " على " بما بعده ; إذ ليس بمصدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية