صفحة جزء
آ . (34) قوله : أو يوبقهن : عطف على " يسكن " قال الزمخشري : " لأن المعنى : إن يشأ يسكن فيركدن . أو يعصفها فيغرقن بعصفها " .

قال الشيخ : " ولا يتعين أن يكون التقدير : أو يعصفها فيغرقن ; لأن [ ص: 557 ] إهلاك السفن لا يتعين أن يكون بعصف الريح ، بل قد يهلكها بقلع لوح أو خسف " . قلت : والزمخشري لم يذكر أن ذلك متعين ، وإنما ذكر شيئا مناسبا ; لأن قوله : " يسكن الريح " يقابله " يعصفها " فهو في غاية الحسن والطباق .

قوله : " ويعف " العامة على الجزم عطفا على جزاء الشرط . واستشكله القشيري قال : " لأن المعنى : إن يشأ يسكن الريح فتبقى تلك السفن رواكد ، أو يهلكها بذنوب أهلها فلا يحسن عطف " ويعف " على هذا ; لأن المعنى يصير : إن يشأ يعف ، وليس المعنى [على ] ذلك بل المعنى : الإخبار عن العفو من غير شرط المشيئة ، فهو عطف على المجزوم من حيث اللفظ لا من حيث المعنى . وقد قرأ قوم " ويعفو " بالرفع وهي جيدة في المعنى " . قال الشيخ : وما قاله ليس بجيد إذ لم يفهم مدلول التركيب والمعنى ، إلا أنه تعالى إن يشأ أهلك ناسا وأنجى ناسا على طريق العفو عنهم " .

وقرأ الأعمش " ويعفو " بالواو . وهي تحتمل أن يكون كالمجزوم ، وثبتت الواو في الجزم كثبوت الياء في من يتق ويصبر . ويحتمل أن يكون الفعل مرفوعا ، أخبر تعالى أنه يعفو عن كثير من السيئات . وقرأ بعض أهل المدينة بالنصب ، بإضمار " أن " بعد الواو كنصبه في قول النابغة :


3977 - فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والبلد الحرام

[ ص: 558 ]     ونأخذ بعده بذناب عيش
أجب الظهر ليس له سنام



بنصب " ونأخذ" ورفعه وجزمه . وهذا كما قرئ بالأوجه الثلاثة بعد الفاء في قوله تعالى : فيغفر لمن يشاء وقد تقدم تقريره آخر البقرة ، ويكون قد عطف هذا المصدر المؤول من " أن " المضمرة والفعل على مصدر متوهم من الفعل قبله . تقديره : أو يقع إيباق وعفو عن كثير . فقراءة النصب كقراءة الجزم في المعنى ، إلا أن في هذه عطف مصدر مؤول على مصدر متوهم ، وفي تيك عطف فعل على مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية