صفحة جزء
آ . (81) قوله : إن كان للرحمن : قيل : هي شرطية على بابها . واختلف في تأويله فقيل : إن صح ذلك فأنا أول من يعبده لكنه لم يصح البتة بالدليل القاطع ، وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد ، وهي محال في نفسها ، فكان المعلق بها محالا مثلها ، فهو في صورة إثبات الكينونة والعبادة ، وفي معنى نفيهما على أبلغ الوجوه وأقواها ، ذكره الزمخشري . وقيل : إن كان له ولد في زعمكم . وقيل : العابدين بمعنى : الآنفين . من عبد يعبد إذا اشتد أنفة فهو عبد وعابد . ويؤيده قراءة السلمي واليماني " العبدين " دون ألف . وحكى الخليل قراءة غريبة وهي " العبدين " بسكون الباء ، وهي تخفيف قراءة [ ص: 608 ] السلمي فأصلها الكسر . قال ابن عرفة : " يقال : عبد بالكسر يعبد بالفتح فهو عبد ، وقلما يقال : عابد ، والقرآن لا يجيء على القليل ولا الشاذ " . قلت : يعني فتخريج من قال : إن العابدين بمعنى الآنفين لا يصح ، ثم قال كقول مجاهد . وقال الفرزدق :


4010 - أولئك آبائي فجئني بمثلهم وأعبد أن أهجو كليبا بدارم



أي : آنف . وقال آخر :


4011 - متى ما يشأ ذو الود يصرم خليله     ويعبد عليه لا محالة ظالما



وقال أبو عبيدة : " معناه الجاحدين " . يقال : عبدني حقي أي : جحدنيه . وقال أبو حاتم : " العبد بكسر الباء : الشديد الغضب " ، وهو معنى حسن أي : إن كان له ولد على زعمكم فأنا أول من يغضب لذلك .

وقيل : " إن " نافية أي : ما كان ، ثم أخبر بقوله : فأنا أول العابدين [ ص: 609 ] وتكون الفاء سببية . ومنع مكي أن تكون نافية قال : " لأنه يوهم أنك إنما نفيت عن الله الولد فيما مضى دون ما هو آت ، وهذا محال " .

وقد رد الناس على مكي ، وقالوا : كان قد تدل على الدوام كقوله : " وكان الله غفورا رحيما " إلى ما لا يحصى ، والصحيح من مذاهب النحاة : أنها لا تدل على الانقطاع ، والقائل بذلك يقول : ما لم يكن قرينة كالآيات المذكورة . وتقدم الخلاف في قراءتي : ولد وولد في مريم .

التالي السابق


الخدمات العلمية