صفحة جزء
آ . (78) قوله تعالى : يلوون : "صفة لـ " فريقا " فهي في محل نصب ، وجمع الضمير اعتبارا بالمعنى لأنه اسم جمع كالقوم والرهط ، قال أبو البقاء : " ولو أفرد على اللفظ لجاز "وفيه نظر إذ لا يجوز : " القوم جاءني " .

والعامة على " يلوون "بفتح الياء وسكون اللام وبعدها واو مضمومة ثم أخرى ساكنة ، مضارع لوى أي : فتل . وقرأ أبو جعفر وشيبة بن نصاح ، وأبو حاتم عن نافع : يلوون بضم الياء وفتح اللام وتشديد الواو الأولى من لوى مضعفا ، والتضعيف فيه للتكثير والمبالغة لا للتعدية ، إذ لو كان لها لتعدى لآخر لأنه متعد لواحد قبل ذلك ، ونسبها الزمخشري لأهل المدينة وهو كما قال : فإن هؤلاء رؤساء قراء المدينة .

وقرأ حميد : " يلون "بفتح الياء وضم اللام بعدها واو مفردة ساكنة ، ونسبها الزمخشري لمجاهد وابن كثير ، ووجهها هو بأن الأصل : " يلوون "كقراءة العامة ، ثم أبدلت الواو المضمومة همزة ، وهو بدل قياسي كأجوه وأقتت ، ثم خففت الهمزة بإلقاء حركتها على الساكن قبلها وهو اللام وحذفت الهمزة فبقي وزن يلون : يفون بحذف اللام والعين ، وذلك أن اللام وهي الياء حذفت لالتقاء الساكنين لأن الأصل : " يلويون "كيضربون فاستثقلت الضمة [ ص: 271 ] على الياء فحذفت فالتقى ساكنان : الياء وواو الضمير فحذفت الياء لالتقائهما ، ثم حذفت الواو التي هي عين الكلمة بما قدمته لك .

وألسنتهم : جمع لسان وهذا على لغة من ذكر ، وأما على لغة من يؤنثه فيقول : هذه لسان فإنه يجمع على ألسن نحو : ذراع وأذرع وكراع وأكرع ، وقال الفراء : " لم نسمعه من العرب إلا مذكرا "ويعبر باللسان عن الكلام لأنه ينشأ منه وفيه ، والمراد به ذلك أيضا التذكير والتأنيث .

واللي : الفتل ، يقال : لويت الثوب ولويت عنقه أي : فتلته والمصدر اللي والليان ، قال :


1345 - قد كنت داينت بها حسانا مخافة الإفلاس والليانا



والأصل : لوي ولويان ، فأعل وهو واضح بما تقدم في " ميت "وبابه ، ثم يطلق اللي على الإراغة والمراوغة في الحجج والخصومة تشبيها للمعاني بالأجرام .

و بالكتاب متعلق بيلوون وهو تعلق واضح ، وجعله أبو البقاء حالا من الألسنة قال : " تقديره ملتبسة بالكتاب أو ناطقة بالكتاب " ، والضمير في لتحسبوه يجوز أن يعود على ما دل عليه ما تقدم من ذكر اللي والتحريف أي : لتحسبوا المحرف من التوراة ، ويجوز أن يعود على مضاف محذوف دل [ ص: 272 ] عليه المعنى والأصل : يلوون ألسنتهم بشبه الكتاب لتحسبوا شبه الكتاب الذي حرفوه من الكتاب ، ويكون كقوله تعالى : أو كظلمات في بحر ثم قال " يغشاه "والأصل : أو كذي ظلمات ، فالضمير من " يغشاه "يعود على ذي المحذوف . و من الكتاب هو المفعول الثاني للحسبان . وقرئ " ليحسبوه "بياء الغيبة والمراد بهم المسلمون أيضا ، كما أريد بالمخاطبين في قراءة العامة ، والمعنى : ليحسب المسملون أن المحرف من التوراة .

التالي السابق


الخدمات العلمية