صفحة جزء
آ . (4) قوله : أرأيتم : تقدم حكمها . ووقع بعدها " أروني " فاحتملت وجهين ، أحدهما : أن تكون توكيدا لها لأنهما بمعنى أخبروني ، وعلى هذا يكون المفعول الثاني لـ " أرأيتم " قوله : " ماذا خلقوا " لأنه استفهام ، والمفعول الأول هو قوله : " ما تدعون " . والوجه الثاني : أن لا تكون مؤكدة لها ، وعلى هذا تكون المسألة من باب التنازع لأن " أرأيتم " يطلب ثانيا ، و " أروني " كذلك ، وقوله : " ماذا خلقوا " هو المتنازع فيه ، وتكون المسألة من إعمال الثاني والحذف من الأول . وجوز ابن عطية في " أرأيتم " أن لا يتعدى . وجعل " ما تدعون " استفهاما معناه التوبيخ . قال : " وتدعون " معناه " تعبدون " قلت : وهذا رأي الأخفش وقد قال بذلك في قوله : قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة وقد مضى ذلك .

[ ص: 660 ] قوله : " من الأرض " هذا بيان الإبهام الذي في قوله : " ماذا خلقوا " .

قوله : " أم لهم " هذه " أم " المنقطعة . والشرك : المشاركة .

قوله : من قبل هذا صفة لـ " كتاب " أي : بكتاب منزل من قبل هذا . كذا قدره أبو البقاء . والأحسن أن يقدر كون مطلق أي : كائن من قبل هذا .

قوله : " أو أثارة " العامة على " أثارة " وهي مصدر على فعالة كالسماحة والغواية والضلالة ، ومعناها البقية من قولهم : سمنت الناقة على أثارة من لحم ، إذا كانت سمينة ثم هزلت ، وبقيت بقية من شحمها ثم سمنت . والأثارة غلب استعمالها في بقية الشرف . يقال : لفلان أثارة أي : بقية أشراف ، ويستعمل في غير ذلك . قال الراعي :


وذات أثارة أكلت عليها نباتا في أكمته قفارا



وقيل : اشتقاقها من أثر كذا أي : أسنده . ومنه قول عمر : " ما حلفت [ ص: 661 ] ذاكرا ولا آثرا " أي : مسندا له عن غيري . وقال الأعشى :


4039 - أإن الذي فيه تماريتما     بين للسامع والآثر



وقيل فيها غير ذلك . وقرأ علي وابن عباس وزيد بن علي وعكرمة في آخرين " أثرة " دون ألف ، وهي الواحدة . ويجمع على أثر كقترة وقتر . وقرأ الكسائي " أثرة " و " إثرة " بضم الهمزة وكسرها مع سكون الثاء . وقتادة والسلمي بالفتح والسكون . والمعنى : بما يؤثر ويروى . أي : إيتوني بخبر واحد يشهد بصحة قولكم . وهذا على سبيل التنزل للعلم بكذب المدعي . و " من علم " صفة لأثارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية