صفحة جزء
آ . (85) قوله تعالى : يبتغ غير : العامة على إظهار هذين المثلين ؛ لأن بينهما فاصلا فلم يلتقيا في الحقيقة ، وذلك الفاصل هو الياء التي حذفت للجزم ، وروي عن أبي عمرو فيها الوجهان : الإظهار على الأصل ولمراعاة الفاصل الأصلي ، والإدغام مراعاة للفظ ، إذ يصدق أنهما التقيا في الجملة ، ولأن ذلك الفاصل مستحق الحذف لعامل الجزم ، وليس هذا مخصوصا بهذه الآية بل كلما التقى فيه مثلان بسبب حذف حرف ، لعلة اقتضت ذلك جرى فيه الوجهان نحو : يخل لكم وجه أبيكم وإن يك [ ص: 300 ] كاذبا ، وقد استشكل على هذا نحو : ويا قوم ما لي أدعوكم و ويا قوم من ينصرني فإنه لم يرو عن أبي عمرو خلاف في إدغامهما ، وكان القياس يقتضي جواز الوجهين لأن ياء المتكلم فاصلة تقديرا .

قوله : دينا فيه ثلاثة أوجه ، أحدهما : أنه مفعول يبتغ ، و غير الإسلام حال لأنها في الأصل صفة له ، فلما قدمت عليه نصبت حالا . الثاني : أن يكون تمييزا لغير لإبهامها ، فميزت كما ميزت "مثل " و "شبه " وأخواتهما ، وسمع من العرب : "إن لنا غيرها إبلا وشاء " . والثالث : أن يكون بدلا من "غير " ، وعلى هذين الوجهين فغير الإسلام هو المفعول به ليبتغ .

وقوله : وهو في الآخرة من الخاسرين كقوله : وإنه في الآخرة لمن الصالحين في الإعراب وسيأتي ما بينهما في المعنى . وقيل : "أل " معرفة لا موصولة فلم يمنع من تعلق ما قبلها . بما بعدها ، وهذه الجملة يجوز أن لا يكون لها محل لاستئنافها ، ويجوز أن تكون في محل جزم نسقا على جواب الشرط وهو "فلن يقبل " ، ويكون قد ترتب على ابتغاء غير الإسلام دينا عدم القبول والخسران .

التالي السابق


الخدمات العلمية